وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ)(١).
والآية توجه الخطاب إلى المسلمين ليكونوا أنصار الله ، كما طلب عيسى من بني إسرائيل أن يكونوا أنصار الله ، ونصرة عيسى هي نصرة لله تعالى إلا أن بني إسرائيل انقلبوا على أعقابهم فآمنت طائفة وكفرت أخرى ، فكان النصر والعاقبة لأولئك المؤمنين بالله وبرسوله ، وهو عين الصراع الذي حدث بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ لم يذكر لنا تاريخ السيرة أن المسلمين كانوا على طائفتين في حياته وبشكل ظاهر علني ـ وان كانت هناك محاولات للتآمر وبسط النفوذ على القرار الإسلامي من البعض ، إلا أن تلك المحاولات منهزمة مع وجود النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إنما أظهر البعض الخلاف والكشف عن نواياهم المخبّأة خلف مطامعهم بالخلافة ، فتمردوا على ما أراده رسولهم منهم من أن يكونوا أنصار الله بنصرتهم لنبيه ، ونصرة نبيه لا تعني نصرة الجهاد أو الخوض في حروبه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل نصرته لمبادئه ووصيته التي قال فيها : «إني مخلّف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي» فآمنت طائفة وتمردت أخرى بتأويلاتها الباطلة.
هذا هو الصراع الذي جسّده القرآن الكريم في مسيرة أنبياء الله الذين لقوا من قومهم ما لاقاه أهل البيت ، وبهذا فالقرآن مصدّق وشهيد.
__________________
(١) الصف : ١٤.