كالحجارة اليابسة ، لا ترشح برطوبته ، أي أنكم لا حق الله تؤدون ، ولا أموالكم تتصدّقون ، ولا بالمعروف تتكرّمون ، ولا للضيف تقرون ولا مكروبا تغيثون ، ولا بشيء من الإنسانية تعاشرون وتواصلون ، أو أشد قسوة أبهم على السامعين ولم يبيّن لهم كما يقول القائل : أكلت خبزا أو لحما ، وهو لا يريد به أني لا أدري ما أكلت بل يريد به أن يبهم على السامع حتى لا يعلم ما ذا أكل ، وإن كان يعلم أن قد أكل أيهما ، (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) أي قلوبكم في القساوة بحيث لا يجيء منها خير يا يهودي : وفي الحجارة ما يتفجر منه الأنهار فتجيء بالخير والنبات لبني آدم ، (وَإِنَّ مِنْها) أي من الحجارة (لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) دون الأنهار وقلوبكم لا يجيء منها الكثير من الخير ولا القليل (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ) أي من الحجارة إن أقسم عليها باسم الله تهبط ، وليس في قلوبكم شيء منه فقالوا : زعمت يا محمّد أن الحجارة ألين من قلوبنا وهذه الجبال بحضرتنا فاستشهدها على تصديقك فإن نطقت بتصديقك فأنت المحق ، فخرجوا إلى أوعر جبل (١) فقالوا : استشهده ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أسألك يا جبل بجاه محمّد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه» ، فتحرّك الجبل وفاض الماء ، فنادى ، أشهد أنك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن قلوب هؤلاء اليهود كما
__________________
(١) الأوعر : المكان الأصلب ضد الأسهل عن المصدر.