تتحقّق بمخالفة كلا الطرفين (١) ، لانّ ترك الجامع لا يكون إلّا بترك كلا فرديه ، وهذا معنى حرمة المخالفة القطعية عقلا للتكليف المعلوم بالاجمال.
وانّما المهم البحث في تنجيز العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية عقلا ، فقد وقع الخلاف في ذلك ، فذهب جماعة كالمحقق النائيني (٢) والسيد الاستاذ (٣) الى انّ العلم الاجمالي لا يقتضي بحدّ ذاته وجوب الموافقة القطعية وتنجيز كل اطرافه مباشرة ، وذهب المحقّق العراقي (٤) وغيره الى ان العلم الاجمالي يستدعي وجوب الموافقة القطعية كما يستدعي حرمة المخالفة القطعية.
ويظهر من بعض هؤلاء المحققين ان المسألة مبنيّة على تحقيق هويّة العلم الاجمالي ، وهل هو علم بالجامع او بالواقع؟ وعلى هذا الأساس سوف نمهّد للبحث بالكلام عن هويّة العلم الاجمالي والمباني المختلفة
__________________
(١) أي لا تتحقّق مخالفة الجامع بمخالفة أحدهما فقط ، لبقاء الجامع وهو «أحدهما» ، ولذلك يكفي لامتثال الجامع ان يترك احد الاناءين ويشرب الآخر ، هذا على صعيد المرحلة الاولى ، وهي مرحلة اثبات حرمة شرب كلا الاناءين.
وأمّا على صعيد المرحلة الثانية ـ التي هي فوق المرحلة الاولى ـ والمعبّر عنها بوجوب الموافقة القطعية بمعنى حرمة ارتكاب حتّى طرف واحد فسيأتيك عنها الكلام.
(٢) اجود التقريرات ج ٢ ص ٢٤٢.
(٣) مصباح الاصول ج ٢ ص ٣٤٨.
(٤) نهاية الافكار القسم الثاني من الجزء الثالث ص ٣٠٧.