لأنّ اليقين المدّعى كونه ناقضا هو العلم الاجمالي بالحكم الترخيصي ، ومصبّه ليس متّحدا مع مصبّ أيّ واحد من العلوم التفصيلية المتعلّقة بالحالات السابقة للاناءات (*).
وعليه فالاصول المنجّزة والمثبتة للتكليف لا بأس بجريانها حتى مع العلم إجمالا بمخالفة بعضها للواقع ، وهذا معنى قولهم : إنّ الاصول
__________________
حتى تعلم بتطهيره ، فاليقين الناقض ليقينك السابق (المنقوض) هو علمك بتطهيره ، فمتعلّق اليقين الناقض واليقين المنقوض واحد وهو حالة الإناء من حيث الطهارة والنجاسة ، هذه الوحدة بينهما غير حاصلة في مورد العلم الاجمالي ، لكون العلم بالطهارة متعلّق بالجامع والعلم بالنجاسة السابقة متعلق بكل إناء ، فلا يكون أحدهما ناقضا للآخر. فالعلم الإجمالي بطهارة إحدى الآنية بما أنه لا يقول هذا المعيّن طاهر فهو لا ينقض علمنا بنجاسته سابقا.
__________________
(*) وهذه النتيجة حاصلة حتى على مسلك المحقق العراقي ، فانه يرى ان العلم الاجمالي متعلق بالطاهر الواقعي ، ولكن لكونه غير معلوم بنحو التعيين يصحّ عرفا ان نستصحب حالته السابقة بالنجاسة ، لكون الاستصحاب حكما ظاهريا. وكما تعلم فان متعلّق العلم الإجمالي عند المحقق العراقي هو الفرد الضائع فهو لعدم تعيّنه لا ينقض علمنا بنجاسة سابقا ، فتأمل ، فان المسألة ليست مسلّمة لامكان أن يقال بعدم صحّة جريان الاستصحاب في مورد العلم الاجمالي وذلك لعدم وجود اطلاق لهذه الحالة في دليل الاستصحاب ، وثانيا لعدم تمامية أركانه في مورد العلم الاجمالي وذلك للعلم بطروء الطهارة على أحد الإناءين فلا يجري استصحاب النجاسة فيه ، وأما الإناء الثاني فان احتملنا طروء الطهارة عليه فانه يجري فيه الاستصحاب وإلا فلا يجري أيضا. والصحيح عندنا عدم صحّة جريان الاستصحاب في موارد العلم الاجمالي وانما يجب التجنّب عن كلا الإناءين لحكم العقل بذلك لتجنّب ارتكاب الطرف المتنجّز علينا.