ومنها : ما إذا كان دليل الأصل شاملا لكلا طرفي العلم الاجمالي بذاته وتوفّر دليل أصل آخر لا يشمل إلّا أحد الطرفين ، ومثال ذلك : ان يكون كلّ من الطرفين موردا للاستصحاب المؤمّن وكان احدهما خاصّة موردا لاصالة الطهارة (١) ، ففي مثل ذلك يتعارض الاستصحابان
__________________
جريان أصل مؤمّن في بعض الاطراف ولو في هكذا حالة ، وذلك للعلّية التامة للعلم الاجمالي في تنجيز أطرافه ، وأما لو قلنا بالاقتضاء لامكن القول بجريان الاصول المؤمّنة في بعض الاطراف ، لان العلم الاجمالي انما ينجّز ان لم يثبت ترخيص في بعض الاطراف ، فاذا ثبت وجود ترخيص فيها لم يعمل العلم الاجمالي عمله. (فقال) المحقق العراقي ناقضا مسلك الاقتضاء الذي قال به المحقق النائيني بأن ارتكاز المتشرعة يأبى عن التسليم بهذا الكلام ، فهم يستنكرون اجراء الطهارة في الاناء الآخر بدعوى انه لم يقع في المعارضة ، وهذا يعني عدم صحّة مسلك النائيني بالاقتضاء وصحّة مسلك العراقي بالعلّية.
(١) اي : ولم يكن الطرف الآخر موردا لاصالة الطهارة كما لو تردّد أمر هذا الطرف الآخر بين الطاهر وبين النجس ذاتا كالخمر ـ بناء على القول الضعيف بنجاسته ـ ولم نؤمن بجريان اصالة الطهارة في محتمل النجاسة ذاتا (بدعوى احتمال ان تكون قراءة «قذر» في «كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر» بنحو الفعل ، أي حتى تعلم انه قذر أي تقذّر وأصابته نجاسة عرضية ، فيقتصر على القدر المتيقّن وهو خصوص النجاسة العرضية) ، ومثال هذه الحالة ما لو علمنا بنجاسة أحد مائعين إما الاوّل الذي كان خلّا وشك الآن في تحوّله الى خمر ، وإمّا الثاني الذي كان ماء طاهرا وشككنا الآن في وقوع قطرة خمر فيه ، فهنا تجري أصالة الطهارة في الثاني بلا معارض.