وأمّا الاصول العملية الشرعية فيعقل التعارض بينها إثباتا (١) [أي] بحسب لسان ادلّتها ، ولا بدّ من علاج ذلك وفقا لقواعد باب التعارض بين الأدلّة.
خامسا : إنّه لا يعقل التصادم بين الاصول العملية الشرعية والاصول العملية العقلية ، فاذا كانا مختلفين في التنجيز والتعذير ، فان كان الاصل العملي العقلي معلّقا على عدم ورود اصل عملي شرعي على الخلاف كان هذا واردا (٢) ، وإلّا (٣) امتنع ثبوت الأصل العملي الشرعي في مورده.
__________________
متناقضين لا على مستوى الملاك ولا على مستوى الحكم.
(١) لا ثبوتا وإلّا لتناقضت الأحكام الظاهرية في الواقع وحاشا للمولى تعالى ذلك. أمّا تعارضها إثباتا فستعلم في محلّه إن شاء الله تعالى أنّه يعالج بالحكومة أو غيرها من قواعد باب التعارض غير المستقر.
(٢) كالبراءة العقلية (على مسلك قبح العقاب) والاشتغال العقلي (على مسلك حقّ الطّاعة) فانّ الأصل الشرعي إذا جاء على خلافهما يكون واردا لأنّه يلغي موضوع الأصل العقلي حقيقة ، لأنّ موضوع الأصل العقلي هو عدم وصول دليل شرعي ، فاذا ورد دليل شرعي كأصالة البراءة الشرعية فلا يجوز حينئذ الرّجوع إلى الأصل العقلي.
(٣) قوله (قده) «وإلّا ...» أي وإن كان الأصل العقلي مطلقا من ذاك القيد أو قل ثابتا على كلّ حال ـ كوجوب اطاعة المولى ـ فحينئذ يمتنع أن يوجد حكم شرعي على خلافه ، فان وجد يقطع الانسان أنّ هذا الحكم الشرعي غير موجود في الواقع أو على الأقل في نظر القاطع ، وذلك لأنّ الشرائع السماوية لا يمكن أن تعارض مدركات العقل الصحيحة ، ومن هنا ترى العلماء في موارد العلم الاجمالي بنجاسة أحد إناءين مثلا لا يجرون قاعدة الحليّة مثلا مع انها أصل شرعي ويجرون قاعدة منجزية العلم الاجمالي مع انها عقلية ، ولا يجرون البراءة قبل الفحص وانما يجرون الاحتياط وهكذا.