بفعل ولا ترك ولا يدخل شيء في عهدته فهذا عين البراءة ، وسيأتي تفصيل الكلام حول ذلك في بحث دوران الأمر بين المحذورين إن شاء الله تعالى.
وأمّا الاصول العملية الشرعية فلا حصر عقليّ لها في البراءة أو الاشتغال ، بل هي تابعة لطريقة جعلها ، فقد تكون استصحابا مثلا (١).
رابعا : انّ الاصول العملية العقلية لا يعقل التعارض بينها لا ثبوتا كما هو واضح (٢) ولا اثباتا لأنّ مقام إثباتها هو عين إدراك العقل لها (٣) ، ولا تناقض بين ادراكين عقليين.
__________________
(١) إذ يمكن للشارع المقدّس أن يشرّع اصولا لا حصر لها ، كأصالة وجوب اتباع الظنّ في حالات معيّنة أو أصالة الاستحباب في حالات معيّنة ، أو أصالة النجاسة في حالات معيّنة وهكذا.
(٢) لانّ احكام العقل تابعة لادراكاته ، فهو اما ان يدرك في مورد معين لزوم الاحتياط فيحكم به ، واما ان يدرك عدم الالزام فيحكم بالبراءة ، ولا يعقل ان يدرك في نفس المورد ما يوجب الاحتياط وما يوجب الحكم بالبراءة ، كما لا يعقل أن يدرك فيه مصلحة توجب الفعل ومفسدة توجب الترك.
(٣) قال أوّلا : لا ثبوتا ، اي لا يمكن ـ في عالم التفكير والامكان ـ ان يحكم العقل بحكمين متعارضين لما ذكرناه في الشرح السابق ، وكذلك لا ولم يحكم العقل يوما بحكمين متعارضين ـ اي اثباتا ـ والسبب في ذلك هو عدم الامكان ثبوتا ، وبتعبير السيد المصنف (قده) لان حكم العقل في مقام الاثبات هو عين ادراك العقل لهذا الحكم وليس قولنا بلزوم الاحتياط او البراءة في مورد ما الا كاشفا عن هذا الإدراك ، وقد عرفت في الشرح السابق عدم امكان ان يدرك العقل في نفس القضية ادراكين