أدرك شمول حقّ الطاعة للواقعة المشكوكة حكم باصالة الاشتغال ، وإن أدرك عدم الشمول حكم بالبراءة.
ولكن قد يفرض اصل عملي عقلي ثالث وهو أصالة التخيير في موارد دوران الأمر بين المحذورين (١).
وقد يعترض على افتراض هذا الأصل ، بأنّ التخيير إن أريد به دخول التكليف في العهدة واشتغال الذمّة ولكن على وجه التخيير فهو غير معقول (٢) ، لأنّ الجامع بين الفعل والترك في موارد الدوران بين المحذورين ضروري الوقوع (٣) ، وإن أريد به أنّه لا يلزم المكلّف عقلا
__________________
(١) كما لو شك المكلّف أنّ التسبيحتين الأخيرتين (أي سبحان الله) في الركوع والسجود ـ في ضيق الوقت ـ واجبتان أم محرّمتان ، وكما لو شكّ المسافر ـ الذي لم يبيّت النيّة من الليل ـ أنّ الصيام عليه واجب أم محرّم ... وهكذا ، وسيأتي التعرّض لذلك في هذا الجزء في فصل مستقل ، انظر ص ٢٧١.
(٢) أي لا يعقل التخيير في مورد دوران الأمر بين المحذورين لأنك اذا أردت بأنك ملزم بالفعل أو الترك فهذا غير معقول ، فهل يعقل أن تلزم ولدك يوما بالدرس أو عدم الدرس بنحو التخيير ، وبالنوم أو عدم النوم! وإن أردت من قولك بالتخيير في مورد دوران الأمر بين المحذورين أنك غير ملزم بفعل ولا بترك فأنت مخيّر ، قلت : هذا ليس تخييرا وإنما هو براءة.
(٣) الجامع في قوله (قده) «لأنّ الجامع بين الفعل والترك» هو انتزاعي ، والذي هو عبارة عن أحدهما وليس جامعا حقيقيا لأن الفعل والترك متناقضان ، ولهذا لا بدّ لهذا الجامع من أن يقع.