حقيقة ، كاستعمال كأس من حليب في بلد لا يصل إليه عادة ، ويسمّى هذا العجز العرفي
بالخروج عن محلّ الابتلاء.
فان حصل علم اجمالي بنجاسة احد مائعين مثلا وكان احدهما مما لا يقدر المكلّف عقلا على الوصول إليه فالعلم الاجمالي غير منجّز ، ويقال في تقريب ذلك عادة : ان الرّكن الاوّل منتف لعدم وجود العلم بجامع التكليف ، لأنّ النجس إذا كان هو المائع الذي لا يقدر المكلّف على ارتكابه فليس موضوعا للتكليف الفعلي ، لأنّ التكليف الفعلي مشروط بالقدرة ، فلا علم اجمالي بالتكليف الفعلي إذن.
وكأنّ اصحاب هذا التقريب جعلوا الاضطرار العقلي إلى ترك النجس كالاضطرار العقلي إلى ارتكابه ، فكما لا ينجّز العلم الاجمالي مع الاضطرار إلى ارتكاب طرف معيّن منهم ـ على ما مرّ في الحالة الثانية (١) ـ كذلك لا ينجّز مع الاضطرار العقلي إلى تركه ، لأنّ التكليف مشروط بالقدرة ، وكلّ من الاضطرارين يساوق انتفاء القدرة ، فلا يكون التكليف ثابتا على كل تقدير.
والتحقيق ان الاضطرارين يتّفقان في نقطة ويختلفان في اخرى ، فهما يتّفقان في عدم صحة توجّه النهي والزجر معهما (٢) ، فكما لا يصح ان يزجر المضطر الى شرب المائع عن شربه كذلك لا يصح ان يزجر عنه من لا يقدر على شربه ، وهذا يعني انّه لا علم اجمالي بالنهي (٣) في كلتا
__________________
(١) ص ٢١٧.
(٢) اي مع الاضطرار إلى الفعل والاضطرار إلى الترك.
(٣) الفعلي ، اي لا علم اجمالي بوجود تكليف واقعي منهيّ عنه لا في