وهكذا نعرف ان حكم الصورتين عمليا واحد (١) ولكنهما يختلفان في ان الاصل في الصورة الاولى بجريانه في وجوب الوفاء يحقق موضوع وجوب الحج وجدانا ويوجب انحلال العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي ، ومن هنا (٢) كان وجود العلم الاجمالي متوقفا على عدم جريانه كما عرفت ، وامّا في الصورة الثانية فلا يحقّق (٣) ذلك لان وجوب الحج مترتب على عدم وجوب الوفاء واقعا وهو غير محرز وجدانا ، وإنّما يثبت تعبّدا بالاصل دون ان ينشأ علم تفصيلي بوجوب الحج ، ولهذا لا يكون جريان الاصل في الصورة الثانية موجبا لانحلال العلم الاجمالي (٤) ، وبالتالي لا
__________________
له انّه متأخّر رتبة عن اصالة الطهارة الجارية في الماء .. وهذا يتضح من خلال السيرة المتشرّعية الواضحة والناشئة من ارتكازهم بكون مراد الشارع من تشريع اصالة الطهارة هو ترتيب آثار الطهارة على ما يطهر بالماء الذي جرت فيه اصالة الطهارة.
(١) وهو جريان الأصل المؤمّن في وجوب الوفاء من غير معارض.
(٢) يريد أن يقول : ولذلك لا يوجد عمليّا علم إجمالي ، إذ لو كان موجودا لكان متوقّفا على عدم جريان الأصل المؤمّن في وجوب الوفاء ، لكن الأصل المؤمّن يجري فيه بلا معارض ، فاذا لا يوجد علم إجمالي ـ عمليا ـ في البين.
(٣) أي فلا يحقّق الأصل المؤمّن موضوع وجوب الحج وجدانا بل يحققه تعبّدا بالاصل التنزيلي.
(٤) انحلالا حقيقيا وذلك لبقائه حقيقة ووجدانا ، فان الأصل المؤمّن رغم جريانه في وجوب الوفاء لا يرفع العلم الإجمالي بوجوب الوفاء أو الحج. وبتعبير آخر : انّه لو جرت الأصول المؤمّنة في وجوب الوفاء ووجوب الحج لتعارضا وتساقطا فيبقى العلم الاجمالي ولا ينحلّ ،