ويستحيل في المقام ان يكون العلم الاجمالي مانعا عن جريان الاصل المؤمّن عن وجوب الوفاء ، لأنّه متوقّف على عدم جريانه ، إذ بجريانه يحصل العلم التفصيلي بوجوب الحج وينحلّ العلم الاجمالي ، وما يتوقّف على عدم شيء يستحيل ان يكون مانعا عنه ، فالاصل يجري إذن حتّى على القول بالعلّية.
وأمّا الصورة الثانية فيجري فيها أيضا الأصل المؤمّن عن وجوب الوفاء ولا يعارض بالاصل المؤمّن عن وجوب الحج (١) ، لأنّ ذلك الأصل (٢) ينقّح بالتعبد موضوع وجوب الحج فيعتبر أصلا سببيّا بالنسبة إلى الاصل المؤمّن عن وجوب الحج ، والاصل السببي مقدّم على الأصل المسبّبي (٣).
__________________
بنحو الصورة الأولى يستحيل ـ على مسلك المحقق العراقي بالعليّة ـ أن يكون العلم الإجمالي مانعا من جريان الأصول المؤمّنة في طرف وجوب الوفاء.
(١) قوله «ولا يعارض ...» اشارة الى اختلال الركن الثالث في هذه الصورة أيضا.
(٢) مراده (قده) من هذا الاصل الاصل التنزيلي ، كاستصحاب عدم وجوب الوفاء بالدّين ، فانه هو الذي يقوم مقام الحكم الواقعي وينزّل منزلته ويحرزه تعبّدا ، فاذا استصحب المكلّف عدم وجوب الوفاء بالدّين تنقّح لديه وجوب الحج وانتفى تعبّدا الشكّ في وجوب الحج فلا يجري الأصل المؤمّن في مورد وجوب الحج.
(٣) يأتي توضيحه في الجزء الرابع ص ٣٠٣ ، ومثاله تقدّم اصالة الطهارة في الماء على استصحاب نجاسة الثوب ، فان اصالة الطهارة عند ما تجري في الماء يصير الماء طاهرا مطهّرا تعبدا فيطهّر الثوب بهذا التعبّد ، فلا مجال حينئذ عرفا لجريان استصحاب نجاسة الثوب لرؤيتهم