الحسية ـ لضعف البصر ونحوه مثلا ـ مما لا خفاء فيه ، كما لا خفاء في أن الأحكام العقلية الأصولية بعضها من قبيل الأول كالبحث عن الحسن والقبح بمعنى ملائمة الشيء للنفس ومنافرته له ، فإنهما كالألم والفرح مما لا واقع له سوى الوجدان ، وبعضها من قبيل الثاني كمسألة الضد واجتماع الأمر والنهي ونحوهما مما يكون العقل فيه طريقا للحكم الشرعي ، أو لصفة موجبة له فيستند في إثباته إلى برهان عقلي.
والمسألة المبحوث عنها من قبيل الأول ، لأنها كما مرّ عقلية محضة لا ربط لها بشرع أو عرف أو لغة أو حس أو تجربة ونحوها كما لا يخفى.
وحينئذ فالتمسك فيها بإطلاق السبب أو المسبب أو الإجماع ونحوها من الأدلة الشرعية لفظية كانت أو لبّية ، كالقول في عنوانها بأن الأصل ومقتضاه فيها هو التداخل أو عدمه.
وتأسيس الأصل العملي كالاشتغال أو البراءة والاستناد إليه فيها ـ كما وقع من غير واحد من المحققين قدسسرهم ـ خال عن وجه الصحة ، ولا يرتبط بالمسألة كما لا يخفى.
لكن قد أجيب عن الأول : بأن الغرض من تمسكهم فيها بالدليل الشرعي ـ كالإجماع مثلا مضافا إلى أنه بمعناه اللغوي ـ هو الإشارة إلى تطابق العقل والنقل في حكمها ، كما هو غير عزيز منهم في نظائرها.
وعن الثاني : بأن مرادهم بالأصل المشار إليه في عنوانها ـ كما يشهد عليه كلماتهم وأدلتهم فيها ـ هو الأصل الأولي العقلي لا الثانوي ، فالمصير إليه كما في فوائد السيد المحقق الطباطبائي مما لا وجه له.
وعن الثالث : تارة بأن تأسيسهم الأصل العملي كالاشتغال أو البراءة فيها