جعفر ولقد رأيت الحكم (١) عنده كأنه متعلم.
وروى عنه ولده جعفر ع قال كان أبي يقول في جوف الليل في تضرعه أمرتني فلم آتمر ونهيتني فلم أنزجر فها أنا عبدك بين يديك ولا أعتذر.
وقال جعفر فقد أبي بغلة له فقال لئن ردها الله تعالى لأحمدنه بمحامد يرضاها فما لبث أن أتي بها بسرجها ولجامها فلما استوى عليها وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء فقال الحمد لله فلم يزد ثم قال ما تركت ولا بقيت شيئا جعلت كل أنواع المحامد لله عزوجل فما من حمد إلا وهو داخل فيما قلت.
أقول صدق وبر ع فإن الألف واللام في قوله الحمد لله يستغرق الجنس وتفرده تعالى بالحمد.
ونقل عنه ع أنه قال ما من عبادة أفضل من عفة بطن وفرج وما من شيء أحب إلى الله من أن يسأل ولا يدفع القضاء إلا الدعاء وأن أسرع الخير ثوابا البر وأسرع الشر عقوبة البغي وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه وأن يأمر الناس بما لا يفعله وأن ينهى الناس عما لا يستطيع التحول عنه وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.
وقال عبد الله بن الوليد قال لنا أبو جعفر يوما أيدخل أحدكم يده كم صاحبه فيأخذ ما يريد قلنا لا قال فلستم إخوانا كما تزعمون.
وقالت سلمى مولاة أبي جعفر كان يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم فأقول له في ذلك ليقل منه فيقول يا سلمى ما حسنة الدنيا إلا صلة الإخوان والمعارف
__________________
(١) الظاهر أنّه حكم بن عتيبة الكندي المتوفّى سنة ١١٣ الآتي ذكره فإنه الذي مدحوه بكثرة العلم والفقاهة قال ابن حجر وقال مجاهد رأيت الحكم في مسجد الخيف وعلماء الناس عيال عليه ، وقال جرير عن مغيرة كان الحكم إذا قدم المدينة خلوا له سارية النبيّ صلّى اللّه عليه وآله يصلى إليها ، وقال ابن عيينة : ما كان بالكوفة بعد إبراهيم والشعبي مثل الحكم وحماد إلى غير ذلك ممّا قالوا في حقه.