وقال قال الليث بن سعد حججت سنة ثلاث عشرة ومائة فأتيت مكة فلما صليت العصر رقيت أبا قبيس وإذا أنا برجل جالس وهو يدعو فقال يا رب يا رب حتى انقطع نفسه ثم قال رب رب حتى انقطع نفسه ثم قال يا الله يا الله حتى انقطع نفسه ثم قال يا حي يا حي حتى انقطع نفسه ثم قال يا رحيم يا رحيم حتى انقطع نفسه ثم قال يا أرحم الراحمين حتى انقطع نفسه سبع مرات ثم قال اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه اللهم وإن بردي قد أخلقا قال الليث فو الله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوءة عنبا وليس على الأرض يومئذ عنب وبردين جديدين موضوعين فأراد أن يأكل فقلت له أنا شريكك فقال لي ولم فقلت لأنك كنت تدعو وأنا أؤمن فقال لي تقدم فكل ولا تخبئ شيئا فتقدمت فأكلت شيئا لم آكل مثله قط وإذا عنب لا عجم له فأكلت حتى شبعت والسلة لم ينقص ثم قال لي خذ أحد البردين إليك فقلت أما البردان فإني غني عنهما فقال لي توار عني حتى ألبسهما فتواريت عنه فاتزر بالواحد وارتدى بالآخر ثم أخذ البردين اللذين كانا عليه فجعلهما على يده ونزل فاتبعته حتى إذا كان بالمسعى لقيه رجل فقال اكسني كساك الله فدفعهما إليه فلحقت الرجل فقلت من هذا قال هذا جعفر بن محمد قال الليث فطلبته لأسمع منه فلم أجده فيا لهذه الكرامة ما أسناها ويا لهذه المنقبة ما أعظم صورتها ومعناها.
قال أفقر عباد الله إلى رحمته ـ علي بن عيسى وفقه الله لمراضيه حديث الليث مشهور وقد ذكره جماعة من الرواة ونقلة الحديث وأول ما رأيته في كتاب المستغيثين تأليف الفقيه العالم أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكواك وهذا الكتاب قرأته على الشيخ العدل رشيد الدين أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم وهو قرأه على الشيخ العالم محيي الدين أستاد دار الخلافة أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي وهو يرويه عن مؤلفه إجازة وكانت قراءتي في شعبان من سنة ست وثمانين وستمائة بداري المطلة على دجلة ببغداد
__________________
(١) السلة : الجونة ويقال له بالفارسية «سبد».