لتلك الأحلام الطائشة التي عذلت لإنكارها الحق بعد معرفة فسبق السيف العدل وغطى على بصائرها حب الدنيا الدنية فمالت إلى العاجل ففاتها الأجل والعاجل ما حصل وكيف لا تصدر عنهم هذه الأفعال وكبيرهم المدعو بأمير مؤمنيهم استشهد بشعر ابن الزبعري فكأنما بده به وارتجل
ليت أشياخي ببدر شهدوا |
|
وقعة الخزرج من وقع الأسل |
لأهلوا واستهلوا فرحا |
|
واستحر القتل في عبد الأشل |
لعبت هاشم بالملك فلا |
|
خبر جاء ولا وحي نزل |
والناس على دين ملوكهم كما ورد في الحديث والمثل.
فلقد ركبوا مركبا وعرا وأتوا أمرا أمرا وفعلوا فعلا نكرا وقالوا قولا هجرا واستحلوا مزاقا مرا وبلغوا الغاية في العصيان ووصلوا إلى النهاية في إرضاء الشيطان وأقدموا على أمر عظيم من إسخاط الرحمن وكم ذكرهم الحسين ع أيام الله فما ذكروا وزجرهم عن تقحم نار الجحيم فما انزجروا وعرفهم ما كانوا يدعون معرفته فما عرفوا ولا فهموا منذ أنكروا وأمرهم بالفكر في هذا الأمر الصعب فما ائتمروا في كل ذلك ليقيم عليهم الحجة ويعذر إلى الله في تعريفهم المحجة ف (أَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) ومما خطاياهم فأدخلوا نار جهنم (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) ونادى لسان حال الحسين ع (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) فاستجاب الله دعاءه ع وخصه بمزيد العناية والإكرام ونقله إلى جواره مع آبائه الكرام ووقع الفناء بعده في أولئك الطغام ودارت عليهم دوائر الانتقام والاصطلام فقتلوا في كل أرض بكل حسام وانتقلوا إلى جوار مالك في نار جهنم وأصحاب الحسين ع إلى جوار رضوان في دار السلام فصارت ألوف هؤلاء الأغنام آحادا وجموعهم أفرادا وألبسوا العار آباء وأولادا فأحياؤهم عار على الغابر والأولون مسبة للآخر واستولى عليهم الذل والصغار وخسروا تلك الدار وهذه الدار وكان عاقبة أمرهم إلى النار (وَبِئْسَ الْقَرارُ) وكثر الله ذرية الحسين ع وأنماها وملأ بها