كما أمر الله تعالى اغسل وجهك مرة فريضة وأخرى إسباغا واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف عليك والسلام.
وروى علي بن أبي حمزة البطائني قال خرج أبو الحسن موسى ع في بعض الأيام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها فصحبته وكان ع راكبا بغلة وأنا على حمار لي فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد فأحجمت عنه خوفا (١) وأقدم أبو الحسن ع غير مكترث به (٢) فرأيت الأسد يتذلل لأبي الحسن ويهمهم (٣) فوقف له أبو الحسن ع كالمصغى إلى همهمته ووضع الأسد يده على كفل بغلته وقد همتني نفسي من ذلك وخفت خوفا عظيما ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق وحول أبو الحسن موسى ع وجهه إلى القبلة وجعل يدعو ويحرك شفتيه بما لم أفهمه ثم أومأ بيده إلى الأسد أن امض فهمهم الأسد همهمة طويلة وأبو الحسن ع يقول آمين آمين وانصرف الأسد حتى غاب عنا ومضى أبو الحسن ع لوجهه.
فلما بعدنا عن الموضع قلت له جعلت فداك ما شأن هذا الأسد فقد خفته والله عليك وعجبت من شأنه معك فقال لي أبو الحسن ع إنه خرج يشكو إلى عسر الولادة على لبوته (٤) وسألني أن أسأل الله تعالى أن يفرج عنها ففعلت ذلك فألقي في روعي أنها تلد له ذكرا فخبرته بذلك فقال لي امض في حفظ الله فلا سلط الله عليك ولا على ذريتك ولا على أحد من شيعتك شيئا من السباع فقلت آمين.
قال الشيخ المفيد رحمهالله تعالى والأخبار في هذا الباب كثيرة وفيما أثبتناه منها كفاية على الرسم الذي تقدم والمنة لله وقال
__________________
(١) أحجم فلان عن الشيء : كف أو نكص هيبة.
(٢) يقال فلان لا يكترث لهذا الامر : اي لا يعبأ له ولا يباليه.
(٣) همهم الأسد : ردد الزئير في صدره.
(٤) اللبوة : أنثى الأسد.