وافية فرد الجميع عليه ولم يقبل منه وهذه سجية الجواد وشنشنة الكريم (١) وسمة ذي السماحة وصفة من قد حوى مكارم الأخلاق فأفعاله المتلوة شاهدة له بصفة الكرم ناطقة بأنه متصف بمحاسن الشيم وقد كان في العبادة مقتديا بمن تقدم حتى نقل عنه ع أنه حج خمسا وعشرين حجة إلى الحرم وجنائبه تقاد معه وهو ماش على القدم آخر كلامه ره.
قال الفقير إلى الله تعالى علي بن عيسى عفى الله عنه اعلم أيدك الله بتوفيقه وهداك إلى سبيله وطريقه أن الكرم كلمة جامعة لأخلاق محمودة تقول كريم الأصل كريم النفس كريم البيت كريم المنصب إلى غير ذلك من صفات الشرف ويقابله اللؤم فإنه جامع لمساوئ الأخلاق تقول لئيم الأصل والنفس والبيت وغيرها.
فإذا عرفت هذا فاعلم أن الكرم الذي الجود من أنواعه كامل في هؤلاء القوم ثابت لهم محقق فيهم متعين لهم ولا يعدوهم ولا يفارق أفعالهم وأقوالهم بل هو لهم على الحقيقة وفي غيرهم كالمجاز ولهذا لم ينسب الشح إلى أحد من بني هاشم ولا نقل عنهم لأنهم يجارون الغيوث سماحة ويبارون الليوث حماسة ويعدلون الجبال حلما ورجاحة فهم البحور الزاخرة والسحب الهامية الهامرة.
فما كان من خير أتوه فإنما |
|
توارثه آباء آبائهم قبل |
وهل ينبت الخطي إلا وشيجه |
|
وتغرس إلا في منابتها النخل (٢) |
ولهذا قال علي ع وقد سئل عن بني هاشم وبني أمية فقال نحن أمجد وأنجد وأجود وهم أغدر وأمكر وأنكر ولقد صدق ص فإن الذي ظهر من القبيلتين في طول الوقت دال على ما قاله ع.
ولا ريب أن الأخلاق تظهر على طول الأيام وهذه الأخلاق الكريمة اتخذوها شريعة وجعلوها إلى بلوغ غايات الشرف ذريعة لشرف فروعهم
__________________
(١) الشنشنة : الطبيعة والعادة.
(٢) الخطى : الرماح المنسوبة إلى خطّ وهو مرفأ السفن ببحرين. والوشيج : شجر الرماح وقيل هو ما نبت من القنا والقصب معترضا.