جهدوا في ردها فلم يقدروا فوقع لما به وجاءه المال وهو ينزع فقال ما أصنع به وأنا في الموت.
وخرج الرشيد في تلك السنة إلى الحج وبدأ بالمدينة فقبض على أبي الحسن ع يقال إنه لما ورد المدينة استقبله موسى ع في جماعة من الأشراف وانصرفوا من استقباله فمضى أبو الحسن ع إلى المسجد على رسمه وأقام الرشيد إلى الليل وصار إلى قبر رسول الله ص فقال يا رسول الله إني أعتذر إليك من أمر أريد أن أفعله أريد أن أحبس موسى بن جعفر فإنه يريد التشتيت بين أمتك وسفك دمائهم ثم أمر به فأخذ من المسجد فأدخل إليه فقيده واستدعى قبتين فجعله في أحدهما على بغل وجعل القبة الأخرى على بغل آخر وخرج البغلان من داره عليهما القبتان مستورتان ومع كل واحدة منهما خيل فافترقت الخيل فمضى بعضها مع إحدى القبتين على طريق البصرة والأخرى على طريق الكوفة وكان أبو الحسن ع في القبة التي مضى بها على طريق البصرة وإنما فعل الرشيد ذلك ليعمي على الناس الأمر في باب أبي الحسن وأمر القوم الذين كانوا مع قبة أبي الحسن أن يسلموه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور وكان على البصرة حينئذ فسلم إليه فحبسه عنده سنة وكتب إليه الرشيد في دمه فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خاصته وثقاته فاستشارهم فيما كتب إليه الرشيد فأشاروا عليه بالتوقف عن ذلك والاستعفاء منه فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول له قد طال أمر موسى بن جعفر ومقامه في حبسي وقد اختبرت حاله ووضعت عليه العيون طول هذه المدة فما وجدته يفتر عن العبادة ووضعت من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعا عليك ولا علي وما ذكرنا بسوء وما يدعو إلا بالمغفرة والرحمة لنفسه وإن أنت أنفذت إلى من يتسلمه مني وإلا خليت سبيله فإني متحرج (١) من حبسه ..
وروى أن بعض عيون عيسى بن جعفر رفع إليه أنه سمعه كثيرا يقول في دعائه وهو محبوس عنده اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك
__________________
(١) تحرج من الامر : جانب الحرج اي الاثم.