فلما تناوله هارون صار سرقينا في فيه وكان في يده تينا جنيا
قلت عندي في هذا الخبر نظر فإن الرشيد وإن كان يريد قتل أبي الحسن ع فإنه كان يعرف شرفه ولا يصل به إلى هذا القدر من الهوان وإن كان يخاف على الملك فلا يلزم من ذلك طلبه إهانته إلى هذه الغاية وموسى ع لم يكن يقابله بمثل فعله بإعادة الطبق إليه بحيث يجعله في فيه فيعود إلى حاله لا سيما وهو في حبسه ودينه التقية وهو مسمى بالكاظم والله أعلم.
ومنها ما قال إسحاق بن عمار أيضا قال أقبل أبو بصير مع أبي الحسن موسى ع من المدينة يريد العراق فنزل زبالة فدعا بعلي بن أبي حمزة البطائني وكان تلميذا لأبي بصير فجعل يوصيه بحضرة أبي بصير ويقول يا علي إذا صرنا إلى الكوفة تقدم في كذا فغضب أبو بصير وخرج من عنده فقال لا والله ما أرى هذا الرجل أنا أصحبه منذ حين ثم يتخطاني بحوائجه إلى بعض غلماني فلما كان من الغد حم أبو بصير بزبالة فدعا بعلي بن أبي حمزة فقال أستغفر الله مما حل في صدري من مولاي ومن سوء ظني به كان قد علم أني ميت وأني لا ألحق بالكوفة فإذا أنا مت فافعل بي كذا وتقدم في كذا فمات أبو بصير بزبالة.
ومنها أن إسماعيل بن سالم قال بعث إلي علي بن يقطين وإسماعيل بن أحمد فقالا لي خذ هذه الدنانير فائت الكوفة فالق فلانا فاستصحبه واشتريا راحلتين وامضيا بالكتب وما معكما من مال فادفعاه إلى موسى بن جعفر ع فسرنا حتى إذا كنا ببطن الرملة وقد اشترينا علفا ووضعناه بين الراحلتين وجلسنا نأكل فبينما نحن كذلك إذ طلع علينا موسى بن جعفر على بغلة له أو بغل وخلفه شاكري (١) فلما رأيناه وثبنا له وسلمنا عليه فقال هاتا ما معكما فأخرجناه ودفعناه إليه وأخرجنا الكتب ودفعناها إليه فأخرج كتبا من كمه فقال هذه جوابات كتبكم فانصرفوا في حفظ الله تعالى فقلنا قد فنى زادنا وقد قربنا من المدينة فلو أذنت لنا فزرنا رسول الله ص وتزودنا زادا فقال أبقي معكما من زادكما شيء فقلنا نعم
__________________
(١) الشاكرى معرب «چاكر».