فأمرني بالجلوس إلى رجوعه فلم أزل حتى صليت المغرب وأنا صائم فضاق صدري وأردت أن أنصرف.
فإذا هو قد طلع علي وحوله الناس وقد قعد له السؤال وهو يتصدق عليهم فمضى فدخل بيته ثم خرج ودعاني فقمت إليه ودخلت معه فجلس وجلست فجعلت أحدثه عن ابن المسيب وكان كثيرا ما أحدثه عنه فلما فرغت قال ما أظنك أفطرت بعد قلت لا فدعا لي بطعام فوضع بين يدي وأمر الغلام أن يأكل معي فأصبت والغلام من الطعام فلما فرغنا قال ارفع الوسادة وخذ ما تحتها فرفعتها فإذا هي دنانير فأخذتها ووضعتها في كمي وأمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغوني منزلي فقلت جعلت فداك إن طائف ابن (١) المسيب يقعد وأكره أن يلقاني ومعي عبيدك فقال لي أصبت أصاب الله بك الرشاد وأمرهم أن ينصرفوا إذا رددتهم فلما قربت من منزلي وآنست رددتهم وسرت إلى منزلي ودعوت السراج ونظرت إلى الدنانير وإذا هي ثمانية وأربعون دينارا وكان فيها دينار يلوح فأعجبني فأخذته وقربته من السراج فإذا عليه نقش واضح حق الرجل ثمانية وعشرون دينارا وما بقي فهو لك ولا والله ما كنت عرفت ما له علي بالتحديد.
وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي الحسن الرضا ع أنه خرج من المدينة في السنة التي حج فيها هارون يريد الحج فانتهى إلى جبل عن يسار الطريق يقال له فارع فنظر إليه أبو الحسن ع ثم قال يا فارع وهادمه يقطع إربا إربا فلم ندر ما معنى ذلك فلما بلغ هارون ذلك الموضع نزله وصعد جعفر بن يحيى الجبل وأمر أن يبنى له فيه مجلس فلما رجع من مكة صعد إليه فأمر بهدمه فلما انصرف إلى العراق قطع جعفر بن يحيى إربا إربا.
وعن إبراهيم بن موسى قال ألححت على أبي الحسن الرضا ع في شيء طلبته فكان يعدني فخرج ذات يوم يستقبل والي المدينة وكنت معه فجاء إلى قرب قصر فلان فنزل عنده تحت شجرات ونزلت معه وليس معنا ثالث فقلت جعلت فداك هذا
__________________
(١) الطائف : العسس.