فلما انقضت النبوة وختم الله بمحمد ص الوحي والرسالة جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين بالخلافة وإتمامها وعزها والقيام بحق الله فيها بالطاعة التي بها يقام فرائض الله وحدوده وشرائع الإسلام وسننه ويجاهد بها عدوه فعلى خلفاء الله طاعته فيما استحفظهم واسترعاهم من دينه وعباده وعلى المسلمين طاعة خلفائهم ومعاونتهم على إقامة حق الله وعدله وأمن السبيل وحقن الدماء وصلاح ذات البين وجمع الألفة وفي خلاف ذلك اضطراب حبل المسلمين واختلالهم واختلاف ملتهم وقهر دينهم واستعلاء عدوهم وتفرق الكلمة وخسران الدنيا والآخرة.
فحق على من استخلفه الله في أرضه وائتمنه على خلقه أن يجهد لله نفسه ويؤثر ما فيه رضا الله وطاعته ويعتد لما الله مواقفه عليه ومسائله عنه ويحكم بالحق ويعمل بالعدل فيما حمله الله وقلده فإن الله عزوجل يقول لنبيه داود ع (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) وقال الله عزوجل (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوفت أن يسألني الله عنها وايم الله أن المسئول عن خاصة نفسه الموقوف على عمله فيما بينه وبين الله ليتعرض على أمر كبير وعلى خطر عظيم فكيف بالمسئول عن رعاية الأمة وبالله الثقة وإليه المفزع والرغبة في التوفيق والعصمة والتشديد والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة والفوز من الله بالرضوان والرحمة :
وأنظر الأمة لنفسه وأنصحهم لله في دينه وعباده من خلائقه في أرضه من عمل بطاعة الله وكتابه وسنة نبيه ع في مدة أيامه وبعدها وأجهد رأيه ونظره فيمن يوليه عهده ويختاره لإمامه المسلمين ورعايتهم بعده وينصبه علما لهم ومفزعا في جميع ألفتهم ولم شعثهم وحقن دمائهم والأمن بإذن الله من فرقتهم وفساد ذات بينهم واختلافهم ورفع نزع الشيطان وكيده عنهم فإن الله عزوجل جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الإسلام وكماله وعزه وصلاح أهله وألهم خلفائه من