القاضي وكان يؤذيني بالكوفة أشكو إليه ما ينالني منه من الأذى فكتب إلي تكفى أمره إلى شهرين فعزل عن الكوفة في شهرين واسترحت منه.
قال فتح بن يزيد الجرجاني قال ضمني وأبا الحسن الطريق حين منصرفي من مكة إلى خراسان وهو صائر إلى العراق فسمعته وهو يقول من اتقى الله يتقى ومن أطاع الله يطاع قال فتلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد علي السلام وأمرني بالجلوس وأول ما ابتدأني به أن قال يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه وأنى يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحده والأبصار عن الإحاطة به جل عما يصفه الواصفون وتعالى عما ينعته الناعتون نأى في قربه وقرب في نأيه فهو في نأيه قريب وفي قربه بعيد كيف الكيف فلا يقال كيف وأين الأين فلا يقال أين إذ هو منقطع الكيفية والأينية هو الواحد الأحد (الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) فجل جلاله أم كيف يوصف بكنهه محمد ص وقد قرنه الجليل باسمه وشركه في عطائه وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته إذ يقول (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) (١) وقال يحكي قول من ترك طاعته وهو يعذبه بين أطباق نيرانها وسرابيل قطرانها (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) (٢) أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣) وقال (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) (٤) وقال (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (٥)
__________________
(١) التوبة : ٤٧.
(٢) الأحزاب : ٦٦.
(٣) النساء : ٥٩.
(٤) النساء : ٨٣
(٥) النساء : ٥٨