وقد افتقدته فتبت إلى الله تعالى.
ومنها أن المتوكل عرض عسكره وأمر أن كل فارس يملأ مخلاة فرسه طينا ويطرحوه في موضع واحد فصار كالجبل واسمه تل المخالي وصعد هو وأبو الحسن ع وقال إنما طلبتك لتشاهد خيولي وكانوا لبسوا التجافيف (١) وحملوا السلاح وقد عرضوا بأحسن زينة وأتم عدة وأعظم هيئة وكان غرضه كسر قلب من يخرج عليه وكان يخاف من أبي الحسن أن يأمر أحدا من أهل بيته بالخروج عليه فقال له أبو الحسن فهل أعرض عليك عسكري قال نعم فدعا الله سبحانه فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدججون (٢) فغشي على المتوكل فلما أفاق قال له أبو الحسن نحن لا ننافسكم في الدنيا فإنا مشغولون بالآخرة فلا عليك شيء مما تظن ..
ومنها ما روي عن محمد بن الفرج قال قال لي علي بن محمد إذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها وضع الكتاب تحت مصلاك ودعه ساعة ثم أخرجه وانظر فيه قال ففعلت فوجدت جواب المسألة موقعا فيه.
ومنها ما رواه أبو سعيد سهل بن زياد قال حدثنا أبو العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب ونحن بداره بسر من رأى فجرى ذكر أبي الحسن ع فقال يا أبا سعيد أحدثك بشيء حدثني به أبي قال كنا مع المنتصر وأبي كاتبه فدخلنا والمتوكل على سريره فسلم المنتصر ووقف ووقفت خلفه وكان إذا دخل رحب به وأجلسه فأطال القيام وجعل يرفع رجلا ويضع أخرى وهو لا يأذن له في القعود ورأيت وجهه يتغير ساعة بعد ساعة ويقول للفتح بن خاقان هذا الذي يقول فيه ما تقول ويرد عليه القول والفتح يسكنه ويقول هو مكذوب عليه وهو يتلظى
__________________
(١) قال الفيومي : التجفاف ـ تفعال بالكسر ـ : شيء تلبسه الفرس عند الحرب كأنه درع ، قيل سمى بذلك لما فيه من الصلابة واليبوسة ، وقال الجواليقي معرب ومعناه ثوب البدن.
(٢) المدجج : اللابس السلاح لأنه يتغطى به. من دججت السماء : إذا تغيمت