عن الكفار (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) ولا شبهة أن عذاب هؤلاء الذين بلغتهم الدعوة ورأوا الأدلة والمعجزات أشد بأضعاف مضاعفة بل لا نسبة لهم إلى من لم تبلغه الدعوة ولا قامت عليه الحجة وهذا العلوي لو لم يرى أمارة ولا سمع دلالة كان أحسن حالا منه بعد ذلك و (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ).
حدث أحمد بن الحرث القزويني قال ـ كنت مع أبي بسر من رأى وكان أبي يتعاطى البيطرة (١) في مربط أبي محمد ع قال وكان عند المستعين بغل لم ير مثله حسنا وكبرا وكان يمنع ظهره واللجام وكان قد جمع عليه الرواض (٢) فلم تكن لهم حيلة في ركوبه فقال له بعض ندمائه يا أمير المؤمنين ألا تبعث إلى الحسن بن علي ابن الرضا حتى تجيء فإما أن يركبه وإما أن يقتله قال فبعث إلى أبي محمد ومضى أبي معه فلما دخل أبو محمد الدار كنت مع أبي فنظر أبو محمد إلى البغل واقفا في صحن الدار فعدا إليه فوضع يده على كفله قال فنظرت إلى البغل قد عرق حتى سال العرق منه ثم صار إلى المستعين فسلم عليه فرحب به وقربه وقال يا با محمد ألجم هذا البغل فقال أبو محمد لأبي ألجمه يا غلام فقال له المستعين ألجمه أنت فوضع أبو محمد طيلسانه وقام فألجمه ثم رجع إلى مجلسه وجلس قال له يا با محمد أسرجه فقال لأبي يا غلام أسرجه فقال المستعين أسرجه أنت فقام ثانية فأسرجه ورجع إلى مجلسه فقال له ترى أن تركبه فقال أبو محمد نعم فركبه من غير أن يمتنع عليه ثم ركضه في الدار ثم حمله على الهملجة (٣) فمشى أحسن مشى يكون ثم رجع فنزل فقال له المستعين كيف رأيته قال ما رأيت مثله حسنا وفراهة فقال له المستعين فإن أمير المؤمنين قد حملك عليه فقال أبو محمد لأبي يا غلام خذه فأخذه أبي فقاده
__________________
(١) البيطرة : معالجة الدوابّ.
(٢) جمع الرائض : من يذلل الفرس ويطوعه ويعلمه.
(٣) وهي المشي شبيه الهرولة.