ذلك يضيق صدري بالمقام وأخاف أن يفوتني الحج قال فجئت يوما إلى محمد بن أحمد وكان السفير يومئذ أتقاضاه فقال لي سر إلى مسجد كذا وكذا فإنه يلقاك رجل قال فصرت إليه فدخل علي رجل فلما نظر إلي ضحك وقال لا تغتم فإنك ستحج في هذه السنة وتنصرف إلى أهلك وولدك سالما قال فاطمأننت وسكن قلبي وقلت هذا مصداق ذلك.
قال ثم وردت العسكر فخرجت إلي صرة فيها دنانير وثوب فاغتممت وقلت في نفسي جزائي (١) عند القوم هذا واستعملت الجهل فرددتها وكتبت رقعة ثم ندمت بعد ذلك ندامة شديدة وقلت في نفسي كفرت بردي على مولاي وكتبت رقعة أعتذر من فعلي وأبوء بالإثم واستغفرت من زللي وأنفذتها وقمت أتطهر للصلاة وأنا إذ ذاك أفكر في ذلك وأقول إن ردت علي الدنانير لم أحلل شدها ولم أحدث فيها شيئا حتى أحملها إلى أبي فإنه أعلم مني فخرج إلي الرسول الذي حمل الصرة وقال أسأت إذ لم تعلم الرجل أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا ابتداء وربما سألونا ذلك يتبركون به وخرج إلي أخطأت في ردك برنا فإذا استغفرت الله فالله يغفر لك وإذا كانت عزيمتك وعقد نيتك فيما حملناه إليك ألا تحدث فيه حدثا إذا رددناه عليك ولا تنتفع به في طريقك فقد صرفناه عنك فأما الثوب فخذه لتحرم فيه قال وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في الثالث فامتنعت مخافة أن يكره ذلك فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويت مفسرا والحمد لله.
قال وكنت وافقت جعفر بن محمد النيسابوري بنيسابور على أن أركب معه إلى الحج وأزامله فلما وافيت بغداد بدا لي وذهبت أطلب عديلا فلقيني ابن الوجناء وكنت قد صرت إليه وسألته أن يكتري لي فوجدته كارها فلما لقيني قال أنا في طلبك وقد قيل لي إنه يصحبك فأحسن عشرته واطلب له عديلا وأكتر له.
وعن الحسن بن عبد الحميد قال شككت في أمر حاجز (٢) فجمعت شيئا
__________________
(١) وفي بعض النسخ «حدى» مكان «جزائي».
(٢) هو حاجز بن يزيد الوشاء من وكلاء الناحية المقدّسة.