الأرض عدلا وشاع ذلك في مذهبهم حتى ظهر ذلك القول بين أعدائهم فكان السلاطين الظلمة يتوقفون عن إتلاف آبائه لعلمهم بأنهم لا يخرجون ويتشوقون إلى حصول الثاني عشر ليقتلوه ويبيدوه.
ألا ترى أن السلطان في الوقت الذي توفي فيه الحسن بن علي العسكري ع وكل بداره وجواره من يتفقد حملهن لكي يظفر بولده وبقيته كما أن فرعون موسى لما علم أن ذهاب ملكه على يد موسى ع منع الرجال من أزواجهم ووكل بذوات الأحمال منهن ليظفر به وكذلك نمرود لما علم أن ملكه يزول على يد إبراهيم ع وكل بالحبالى من نساء قومه وفرق بين الرجال وأزواجهم فستر الله ولادة إبراهيم وموسى ع كما ستر ولادة القائم ع لما علم في ذلك من التدبير وأما كون غيبته سببا لنفي ولادته فإن ذلك لضعف البصيرة والتقصير عن النظر وعلى الحق فيه دليل واضح لمن أراده ظاهر لمن قصده.
قال الفقير إلى الله تعالى علي بن عيسى أثابه الله تعالى ومما يؤيد ما ذكره الشيخ عن السيد رحمهماالله تعالى أن النبي ص احتمل الأذى في نفسه الكريمة وكذب فيما ادعاه وبالغ كفار قريش واليهود في ذمه والوقيعة فيه بأنواع من الأذى حتى قال ما أوذي نبي مثل ما أوذيت وكان يحتمل ذلك ويصبر عليه فلما أرادوا قتله وإعدامه أمره الله بالهجرة ففر إلى الغار ونام علي ع على فراشه وإنما لم يصبر ولو قتل كما صبر غيره من الأنبياء وقتلوا لأنه كان ع خاتم الأنبياء ولم يكن له بعده من يقوم مقامه في تأدية الرسالة والتبليغ فلهذا غاب عنهم وهذه أشبه الأحوال بحال الإمام ع في غيبته والعجب إخلال السيد رحمهالله به مع دلالته على ما أصله.
مسألة ثانية قالوا إذا كان الإمام غائبا بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به فما الفرق بين وجوده وعدمه وألا جاز أن يميته الله أو يعدمه حتى إذا علم أن الرعية تمكنه وتسلم له أوجده وأحياه كما جاز أن يبيحه الاستتار حتى يعلم منهم التمكين له فيظهره.