في حال غيبته الأولية دون عدوه وأيضا فإن في انبساط يده منافع كثيرة لأوليائه وغيرهم ولأنه يحمي حوزتهم ويسد ثغورهم ويؤمن طرقهم فيتمكنون من التجارات والمغانم ويمنع الظالمين من ظلمهم فتتوفر أموالهم وتصلح أحوالهم غير أن هذه منافع دنيوية لا يجب إذا فاتت بالغيبة أن يسقط التكليف معها والمنافع الدينية الواجبة في كل حال بالإمامة قد بينا أنها ثابتة لأوليائه مع الغيبة فلا يجب سقوط التكليف بها.
مسألة سادسة قالوا لا يمكن أن يكون في العالم بشر له من السن ما تصفونه لإمامكم وهو مع ذلك كامل العقل صحيح الحس وأكثروا التعجب من ذلك وشنعوا به علينا.
الجواب أن من لزم طريق النظر وفرق بين المقدور والمحال لم ينكر ذلك إلا أن يعدل عن الإنصاف إلى العناد والخلاف وطول العمر وخروجه عن المعتاد والاعتراض به لأمرين أحدهما إنا لا نسلم أن ذلك خارق للعادة لأن تطاول الزمان لا ينافي وجود الحياة وأن مرور الأوقات لا تأثير له في العلوم والقدر ومن قرأ الأخبار ونظر فيما تستطر في كتاب المعمرين علم أن ذلك مما جرت العادة به وقد نطق القرآن بذكر نوح ع وأنه لبث في قومه (أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) وقد صنف الكثير في أخبار المعمرين من العرب والعجم وقد تظاهرت الأخبار بأن أطول بني آدم عمرا الخضر ع وأجمعت الشيعة وأصحاب الحديث بل الأمة بأسرها ما خلا المعتزلة والخوارج على أنه موجود في هذا الزمان حي كامل العقل ووافقهم على ذلك أكثر أهل الكتاب.
ولا خلاف أن سلمان الفارسي أدرك رسول الله ص وقد قارب أربع مائة سنة.
فهب أن المعتزلة والخوارج يحملون أنفسهم على دفع الأخبار فكيف يمكنهم دفع القرآن وقد نطق بدوام أهل الجنة والنار وجاءت الأخبار بلا خلاف بين الأمة بأن أهل الجنة لا يهرمون ولا يضعفون ولا يحدث بهم نقصان في الأنفس والحواس (١) ولو كان ذلك منكرا من جهة العقول لما جاء به القرآن ولا
__________________
(١) وقد خلت المخطوطتين من النسخ من هنا إلى قوله : قال الفقير إلى اللّه تعالى : علي بن عيسى ... ا ه.