من الرجس تطهيرا إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله فقال ابن زياد كيف رأيت صنع الله بأهل بيتك قالت كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون إليه وتختصمون عنده فغضب ابن زياد واستشاط (١) فقال له عمرو بن حريث أيها الأمير إنها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ولا تذم على خطئها فقال لها ابن زياد قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك فرقت زينب ع وبكت وقالت له لعمري لقد قتلت كهلي وأبرت أهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي (٢) فإن يشفك هذا فقد اشتفيت فقال ابن زياد هذه سجاعة ولعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا فقالت ما للمرأة والسجاعة إن لي عن السجاعة لشغلا ولكن نفث صدري بما قلت.
قلت من سماع هذه الأقوال واستفظاع هذه الأفعال كنت أكره الخوض في ذكر مصرعه ع وبقيت سنين لم أسمعه يقرأ في عاشوراء كما جرت عوائد الناس بقراءته لأني كنت أجد لما جرى عليه وعلى أهل بيته ع ألما قويا وجزعا تاما وتحرقا مفرطا وانزعاجا بالغا ولوعة مبرحة ثم كان قصارى أن أبكي وألعن ظالميه وأسبهم ولم أر ذلك مطفيا غليلي ولا مطامنا من غلواء حزني وجزعي ولا مسكنا حركة نفسي في طلب الانتقام من أعدائه.
ربما أخرج الحزين جوى |
|
الثكل إلى غير لائق بالسداد |
مثل ما فاتت الصلاة سليمان |
|
فأنحى على رقاب الجياد (٣) |
__________________
(١) استشاط عليه : التهب غيظا.
(٢) الكهل ـ بالفتح ـ : من كانت سنو عمره بين الثلاثين والخمسين تقريبا. وأبره : أهلكه. اجتثه : قلعه من أصله.
(٣) إشارة إلى قصة مسح سليمان أعناق الخيل بالسيف وهي على ما رواه علي بن إبراهيم انه عليه السلام كان يحب الخيل ويستعرضها فعرضت عليه يوما إلى أن غابت الشمس وفاتته صلاة العصر فاغتم من ذلك غما شديدا فدعا اللّه عزّ وجلّ أن يرد عليه الشمس حتّى يصلى.