وكان لا يدع صلاة الليل في السفر والحضر.
وكان من كلامه ع عجبت للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة وهو غدا جيفة وعجبت كل العجب لمن شك في الله وهو يرى خلقه وعجبت كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى وعجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك العمل لدار البقاء وكان إذا أتاه السائل يقول مرحبا بمن يحمل لي زادي إلى الآخرة.
ومنها ما نقل عن ابن شهاب الزهري أنه قال شهدت علي بن الحسين يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام فأثقله حديدا ووكل به حفاظا في عدة وجمع فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له فأذنوا لي فدخلت عليه وهو في قبة والأقياد في رجليه والغل في يديه فبكيت وقلت وددت أني في مكانك وأنت سالم فقال لي يا زهري أوتظن هذا مما ترى علي وفي عنقي مما يكربني أما لو شئت ما كان وأنه إن بلغ بك وبأمثالك غمر ليذكر عذاب الله ثم أخرج يده من الغل ورجليه من القيد ثم قال يا زهري لا جزت معهم على ذا منزلتين من المدينة فما لبثنا إلا أربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه من المدينة فما وجدوه فكنت فيمن سألهم عنه فقال لي بعضهم إنا نراه متبوعا أنه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ أصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديدة.
قال الزهري فقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان فسألني عن علي بن الحسين فأخبرته فقال لي إنه جاءني في يوم فقده الأعوان فدخل علي فقال ما أنا وأنت فقلت أقم عندي فقال لا أحب ثم خرج فو الله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة قال الزهري فقلت يا أمير المؤمنين ليس علي بن الحسين ع حيث تظن أنه مشغول بربه فقال حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به.
وكان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول زين العابدين.
وقال أبو حمزة الثمالي أتيت باب علي بن الحسين فكرهت أن أصوت فقعدت حتى خرج فسلمت عليه ودعوت له فرد علي ثم انتهى إلى حائط فقال
__________________
(١) الغمر : الشدة.