يا أبا حمزة ألا ترى هذا الحائط فقلت بلى يا ابن رسول الله قال فإني اتكأت عليه يوما وأنا حزين وإذا رجل حسن الوجه حسن الثياب ينظر في تجاه وجهي ثم قال يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا أعلى الدنيا فهو رزق حاضر يأكل منها البر والفاجر فقلت ما عليها أحزن وأنه لكما تقول فقال أعلى الآخرة فإنه وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر قال قلت ما على هذا أحزن وأنه لكما تقول فقال وما حزنك يا علي فقلت ما أتخوف من فتنة ابن الزبير فقال لي يا علي هل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه قلت لا قال فخاف الله فلم يكفه قلت لا فغاب عني فقيل لي يا علي بن الحسين هذا الخضر ع ناجاك.
وقال سفيان قال لي علي بن الحسين ما أحب لي بنصيبي من الذل حمر النعم.
وقال أبو حمزة الثمالي كنت يوما عند علي بن الحسين ع فإذا عصافير يطرن حوله ويصرخن فقال لي يا أبا حمزة هل تدري ما تقول هذه العصافير قلت لا قال فإنها تقدس ربها وتسأله قوت يومها
ومنها أنه لما مات علي بن الحسين ع وجدوه يقوت مائة بيت من أهل المدينة كان يحمل إليهم ما يحتاجون إليه.
وقال محمد بن إسحاق كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم فلما مات علي بن الحسين ع فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل.
وقال أبو حمزة الثمالي كان زين العابدين ع يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول إن صدقة السر تطفئ غضب الرب ولما مات ع وغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار في ظهره فقالوا ما هذا قيل كان يحمل جرب الدقيق (١) على ظهره ليلا ويوصلها إلى فقراء المدينة سرا
__________________
(١) الجرب جمع الجراب : وعاء من اهاب الشاة وغيره.