ونظرائهم في العصر الذي يليهم ، ثمّ في كلّ عصر إلى يوم القيامة ، فيقعون (١) عليهم كالبزأة والصّقور ، ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصّقور صيدها ، فيزفّونهم إلى الجنّة زفّا ، وإنّا لنبعث على الآخرين من محبّينا خيار شيعتنا كالحمام فيلقطونهم من العرصات كما يلقط الطّير الحبّ ، وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا.
وسيؤتى بالواحد من مقصّري شيعتنا في أعماله بعد أن حاز الولاية والتقيّة وحقوق إخوانه ، ويوقف بازائه ما بين مائة وأكثر من ذلك ، إلى مائة ألف من النصّاب ، فيقال له : هؤلاء فداؤك من النّار ، فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنّة ، واولئك النصّاب النّار ، وذلك ما قال الله عزوجل : ﴿رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يعني بالولاية ﴿لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ﴾(٢) يعني في الدنيا منقادين للامام (٣) ، ليجعل مخالفوهم فداءهم من النّار » (٤) .
﴿وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ
وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)﴾
ثمّ شرع الله تعالى في تعديد نعمه العظام عليهم وعلى آبائهم مفصّلا بقوله : ﴿وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ﴾ واذكروا حين خلّصنا أسلافكم ﴿مِنْ﴾ تعدّيات ﴿آلِ فِرْعَوْنَ﴾ وظلم أشراف قومه.
قيل : كان فرعون لقب ملك العمالقة ، كما أنّ كسرى لقب ملك الفرس ، وقيصر لقب ملك الروم ، وخاقان لقب ملك التّرك ، والنّجاشيّ لقب ملك الحبشة (٥) .
وقيل : اسم فرعون [ موسى : هو ] الوليد بن مصعب بن ريّان ، وكان من القبط ، وعمّر أكثر من أربعمائة سنة (٦) ، وكان اسم فرعون يوسف ريّان ، وبينهما أربعماءة سنة (٧) .
ثم بيّن سبحانه أوّلا شدّة ظلم فرعون وآله إجمالا ، بقوله : ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ ويعذّبونكم ﴿سُوءَ الْعَذابِ﴾ وشديدة ، ثمّ فصّله ثانيا بقوله : ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ﴾ ويكثرون القتل فيكم ﴿وَيَسْتَحْيُونَ﴾
__________________
(١) في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : فينقضّون.
(٢) الحجر : ١٥ / ٢.
(٣) في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : للإمامة.
(٤) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٤١ / ١١٩.
(٥) تفسير روح البيان ١ : ١٢٨.
(٦) تفسير روح البيان ١ : ١٢٨.
(٧) تفسير روح البيان ١ : ١٢٨.