ومنها : إنّه لمّا كان المجرّب عندي أنّ من آخذه إلى زيارة الحسين عليه السلام من ذريتي في رضاعه يبقى ومن لا آخذه يتوفّى ، وولدت لنا في خامس عشر جمادى الثانية من سنة ألف وثلاثمائة وإحدى وثلاثين بنتاً (١) ، عزمت في شهر شعبان على أن آخذهم إلى زيارة ذلك المولى المظلوم عليه السلام ، وكنت معسراً ومديوناً مائة وثلاث وتسعين ليرة .. فاستقرضت وأخذتهم في سادس شوّال فدخلنا كربلاء المشرّفة صبح السابع ، فمضيت إلى سيّدي عليه السلام وقلت له : سيّدي! ديني .. كذا مقداره ، ومصرفي بموجب الرؤيا عليك ، فأمّا أن توفّي ديني أو تأذن لي في أن أُخلّي العيال جميعاً عندك تتكفّل مصارفهم وأمضي أنا ..!!
فرأيت يوم التاسع ـ وأنا نائم في السرداب ـ كأ نّي بالنجف الأشرف في دارنا .. إذ طرق الباب طارق ـ والخادم ليس حاضراً ـ فمضيت بنفسي ففتحت الباب ، وإذا برجل طويل القامة ، أسمر اللون ، قطط الشعر ، صبيح المنظر ، في وجهه شامات سود ، وبيده ورقة مطرّقة (٢) .. فقال ـ بعد التسالم (٣) ـ : إنّ إمام
__________________
(١) الظاهر أنّ المراد منها باكورة أولاده : بلقيس خانم ; التي سلف الحديث عنها قريباً.
(٢) وهي التي يطرّق بعضها على بعض ، كما في لسان العرب ١٠/٢٢٠ ، ويقال : حجارة مطارقة .. أي بعضها على بعض ، كما ويقال : المجان المطرّقة .. التي يطرّق بعضها على بعض كالنعل المطرقة المخصوفة ، كما جاء في الصحاح ٤/١٥١٦.
وفي النهاية ٣/١٢٢ : .. ومنه طارق النعل إذا صيّرها طاقاً فوق طاق ، وركّب بعضها فوق بعض .. ثم قال : ورواه بعضهم بتشديد الراء للتكثير.
(٣) كذا ، والمراد منها مبادلة السلام والتحية.