ومن غريب آثار التوفيق ; أنّي كلّما أردت وجدان مطلب في كتاب وجدته نصب عيني بمجرّد فتحه ، وقلّ ـ بل ندر ـ تعطيلي في الفحص عنه.
و[قد] (١) اتّفق لي في أوائل اشتغالي به ليلة من الليالي الطوال أنّي احتجت (٢) ـ ثلاث ساعات تقريباً قبل الفجر ـ رهن التهذيب (٣) ، ولم يكن عندي .. فرأيت بقاء خمس ساعات إلى طلوع الشمس ـ ولا يمكنني أن أتعطّل ولا أن أحرّر بغير مراجعة التهذيب ـ فحصل لي من ذلك انقطاع غريب إلى مولانا الحجة المنتظر عجلّ الله تعالى فرجه وجعلنا من كل مكروه فداه ، وخاطبته بقولي : سيدي! منّي بذل النفس ومنك الإعانة ، وأنا أريد منك الآن رهن التهذيب! .. ومن شدّة انقطاعي جرت دمعتي ، وكان عندنا مقدار كتب وقفيّة قطعات بالخطوط القديمة الرديّة في النحو والصرف والتفسير .. وغيرها ، وكانت متروكة ; لأ نّا فحصنا عنها (٤) مراراً فلم نجد فيها ما ينتفع به ، وما كنت أحتمل ـ بوجه ـ وجود التهذيب فيها [مع سبري لها مراراً .. واستخراج الكتب المألوفة منها] (٥) ، فقمت من حيث لا أشعر ومضيت إلى تلك الكتب .. ومددت يدي وتناولت كتاباً منها ; وإذا هو قطعة من التهذيب بخطّ
__________________
(١) ما بين المعكوفين مزيد من الخطية الاُولى.
(٢) العبارة في الخطية الاُولى هكذا : أنّي انتبهت بالساعة السادسة ، اشتغلت بالتحرير إلى الساعة التاسعة ، فأحتجت رهن التهذيب ..
(٣) أي باب الرهن من كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي طاب ثراه.
(٤) كذا ; والأولى : فحصناها.
(٥) الزيادة من الخطية الاُولى للكتاب دون الثانية منها.