بالنبيّ وآله الغرّ الميامين ، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ..
ووجدت حينئذ إقبال أفواج التوفيق إليّ ، ونزول الألطاف والتأييدات الخاصّة عليّ ، فأزداد بوجدان آثارها شوقي ، وقويت بالنظر إلى أشعّتها همّتي وعزمي .. حتى آل الأمر بي إلى آخر درجة القدرة البشرية بالاقتصار قرب ثلاث سنين على أقلّ الضروري من الأ كل والنوم .. ولم أجد في هذه المدة لذّة الكرى ، ولا راحة الأعضاء والقوى ..
و[ما] كنت أنام ـ حتى في الليالي الطوال غالباً ـ [إلاّ] (١) دون أربع ساعات ، وكنت أنام في آخر الساعة الثالثة [من الليل] (٢) ، وأنتبه قبل آخر [الساعة] السابعة ، وأشتغل بالتحرير(٣) ..
__________________
أقول : يظهر من موارد عديدة من كلماته طاب ثراه أنّه كان يرى أنّ أجله في كتابه هذا .. ولذا كان حريصاً على إكماله ، مصرّاً على إتمامه .. مع أنّه كان من أبناء الستين حينذاك .. ومع هذا لم يمهله الأجل ـ وياللأسف ـ لرؤيته كاملاً طباعةً وإخراجاً ..! كما سنأتي للحديث عن ذاك مفصلاً.
(١) ما بين المعكوفين ـ والذي قبله ـ مزيد من النسخة الخطية الاُم ، وكذا الثانية منها ، ويمكن الاستغناء عنهما.
(٢) المراد من الساعة الثالثة ; هو ما بعد الغروب ، وكذا الساعة السابعة ; إذ كان التوقيت الغروبي متعارفاً آنذاك في النجف الأشرف ، بل لم يكن يعرف غيره في زمانه (رحمه الله).
(٣) ونذكر لذلك مثلاً ، وهو ما صرّح به قدس سرّه في كتابه هذا ، في ترجمة الحسن بن علي ابن النعمان الأعلم الكوفي [١/٣٠٠ من الطبعة الحجرية] من أنّه ما ترك الكتابة حتى في أسفاره ، حيث قال : ثم إنّه قد كان تحرير المقام في كربلاء المشرّفة ، ولم تكن عندي نسخة الحاوي ، فلمّا رجعت .. إلى آخره.