إنّما أقدمنا على ذلك لأنّا روّينا عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أنّه قال في خطبة الزوراء (١) : وما أدراك ما الزوراء ؟! أرض ذات أثل (٢) يشيّد فيها البنيان ، و تكثر فيها السكّان ، ويكون فيها مهادم (٣) وخزّان يتّخذها ولد العبّاس موطناً و لزخرفهم مسكناً تكون لهم دار لهو ولعب ، يكون بها الجور الجائر والخوف المخيف والأئمّة الفجرة والاُمراء الفسقة والوزراء الخونة تخدمهم أبناء فارس والروم ، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه ، ولا يتناهون عن منكر إذا نكروه ، تكفي الرجال منهم بالرجال والنساء بالنساء ، فعند ذلك الغمّ العميم والبكاء الطويل والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك وهم قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطوّقة ، لباسهم الحديد ، جردمرد (٤) يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ملكهم جهوريّ الصوت قويّ الصولة عالي الهمّة ، لا يمرُّ بمدينة إلّا فتحها ، ولاترفع عليه راية إلّا نكسها ، الويل الويل لمن ناواه (٤) ، فلايزال كذلك حتّى يظفر . فلمّا وصف لنا ذلك ووجدنا الصفات فيكم رجوناك فقصدناك ، فطيّب قلوبهم وكتب لهم فرماناً باسم والدي رحمه الله يطيب فيه قلوب أهل الحلّة وأعمالها .
* ( أساتذته وتلامذته ) *
يروي شيخنا سديد الدين عن جماعة منهم :
١ ـ المحقّق الخواجه نصير الدين الطوسيّ .
٢ ـ السيّد العلّامة النسّابة فخار بن معد الموسويّ .
٣ ـ الشيخ نجيب الدين أبو إبراهيم محمّد بن نما .
٤ ـ الشيخ مهذّب الدين الحسين بن أبي الفرج ابن ردة النيليّ .
________________________
(١) قال الفيروزآبادى : الزوراء : بغداد .
(٢) أثل يأثل أثولا : تأصل في الأرض أو في الشرف . الاثلة والاثلة : متاع البيت . الاصل . الاهبة .
(٣) في المستدرك : مخادم .
(٤) جرد ـ جمع أجرد ـ : الذي لا شعر في جسده ، ومرد جمع أمرد : الذلا لا لحية له .
(٥) أي عاداه .