ذلك أداءاً لواجب الشريعة ، وقياماً بفروض الخدمة للحنيفيّة البيضاء ، وإحياءاً لما قد درس من معالم الدين وطمس تحت أطباق البلى ، وإعلاءاً لكلمة الحقّ ، كلمة العدل و والصّدق ، ونشراً لألوية معارف الإسلام المقدَّس ، وذبّاً عن المذهب الإماميّ الصحيح .
وكان في هواجس ضميره أن يستدرك ما فاته من مصادر استجدّها أو ممّا لم يك يأخذ منه لدى تأليفه لغاية له هنالك (١) ، غير أنّ القضاء الحاتم والأجل المسمّى المحتوم حالا بينه وبين ما تحتّم على نفسه ، فأدركه أجله قبل بلوغ أمله ، عطّر الله مضجعه .
والكتاب في النهاية صورةٌ ناطقةٌ عن عبقريّة مؤلّفه العلّامة الأوحد ، وتقدّمه في النفسيّات الكريمة والملكات الفاضلة ، وسبقه إلى الفضائل وتضلّعه من العلوم ، تعرب صفحاته عن تاريخ حياته ، ولا تدع القاریء مفتقراً إلى أيّ ترجمة له توجد في طيّات المعاجم (٢) ، غير أنّا نورد هنا جملاً منها إعجاباً به وتقديماً لمقامه وإيفاءاً لحقّه ، و نذكرها في مقدّمة ونردفها باُخرى تتضمّن لتراجم مؤلّفي مصادر كتابه ، ونرجو من الله التوفيق والتسديد .
________________________
(١) قال في آخر الفصل الثاني من المجلد الاول : اعلم أنا سنذكر بعض أخبار الكتب المتقدمة التي لم نأخذ منها لبعض الجهات ، مع ما سيتجدد من الكتب في كتاب مفرد سمّيناه بمستدرك البحار إن شاء الله الكريم الغفار ، إذ الالحاق في هذا الكتاب يصير سبباً لتغيير كثير من النسخ المتفرقة في البلاد ، والله الموفق للخير والرشد والسداد . أقول : قد فصل أحد تلامذته في كتاب كتبه إليه شرح الكتب التي لم يخرج منها ، وأورده العلامة المجلسي لكثرة فائدته في آخر مجلد الاجازات .
(٢) وقد فصلت ترجمته في كتب التراجم ، وصنّف العلامة النوري كتابه الفيض القدسي في ترجمته وبيان أحواله ، ونحن نذكر في المقدمة الاولى مختصراً من ذلك .