« أو يرجع المقر له عن الإنكار ( وله إقراره في يده ) التي لم يثبت عدوانها ، ولأنه يكلف بإيصاله إلى مالكه بدس ونحوه.
هذا وظاهر ما سمعته من المسالك وغيرها المفروغية من قبول رجوع المقر له إلى التصديق واستحقاقه حينئذ المقر به ، ومن عدم تسليمها إلى المقر له بعد نفيها عنه ، وفي حاشية الكركي تعليل الأول بانحصار الحق فيهما ، وبأنه برجوعه يدعى مالا لا يد لأحد عليه ، ولم يسبق منه الاعتراف به لغيره ، قال : « فان قيل يلزم من إنكار كونه ملكا له كون الملك لغيره ، لامتناع ملك بغير مالك ، قلنا : كلامه لا يدل على ذلك بشيء من الدلالات ، نعم هو مستفاد من خارج ، فلا يكون مانعا من قبول رجوعه إذا لم يثبت بقوله حقا لغيره ثم رجع عنه ».
قلت : قد يناقش ( أولا ) بأن الاعتراف به لغيره مدلول التزام لعبارته و ( ثانيا ) بأن نفيه له عن نفسه اعتراف بخروجه عنه ، فيؤخذ به وإن لم يعترف به للغير ، إذ قد عرفت أن متعلق الإقرار يكون إثباتا ونفيا ، اللهم إلا أن يكون إجماعا ، وقاعدة سماع الإقرار بعد الإنكار إنما هي فيما لا يقتضي الرجوع عن الإقرار الأول ، كما لو أنكر مثلا دينا لزيد عليه ثم أقر به ونحو ذلك ، فتأمل جيدا.
ولعله لذا قال في المحكي من قضاء التحرير : « فان رجع المقر له وقال : غلطت بل هو لي ففي قبول ذلك منه إشكال ، ولو رجع المقر وقال : غلطت بل هو لي فإن كان في يده فالأقرب القبول ، وإن لم يكن في يده فالأقرب العدم ، لانتفاء سلطنة اليد ، وهكذا كل من نفى عن نفسه شيئا ثم رجع فيه قبل أن يقر لغيره أو بعده » إلى آخره.
إلا أنه مناف لما جزم به هنا في القواعد ومحكي التذكرة والتحرير والإيضاح وجامع المقاصد ومجمع البرهان من التسليم إلى المقر له إذا رجع إلى الإنكار الذي قد سمعت المفروغية منه في المسالك وحاشية الكركي معللين له بما سمعت ،