وبأن أقوال المسلمين وأفعالهم محمولة على الصحة إذا احتملت ، وهي هنا محتملة ، لاحتمال نسيان كونه له أولا ثم تذكر ، واحتمال انتقاله إليه الان بارث ونحوه وقد نهى الشارع عن التجسس ولأنه مال لا يدعيه غيره ، وصاحب اليد مقر له به ، وقد زال حكم الإنكار بالتصديق ، فيبقى الإقرار سليما عن المعارض.
والجميع كما ترى بناء على مؤاخذة المقر بإقراره تعبدا وإن كان نفيا ، نعم لو قلنا بمؤاخذته للمعارض اتجه قبول رجوعه ، لعدم المعارض حينئذ.
لكن منه يتجه قبول رجوع المقر فيما أقر به للغير الذي نفاه وبقي مصرا ، مع أنه في القواعد جعل الأقرب عدم القبول فارقا بين المقر والمقر له ، بل هو المحكي عن الكتب السابقة أيضا بل ظاهر ما سمعته من تعليل الكركي المفروغية من عدم قبول رجوعه ، لأنه قد صرح بكونه للغير ، ولم يقتصر على نفيه عن نفسه كالمقر له ، فإقراره الأول حينئذ قد مضى عليه ، وحكم عليه به ، والمشروط بعدم التكذيب إنما هو نفوذ الإقرار في حق المقر له بحيث يجب عليه تسليم المقر به لا أن ذلك شرط صحة الإقرار في نفسه ، إذ لا دليل عليه ، نعم قد سمعت ما حكيناه عن قضاء التحرير وعن مجمع البرهان أنه لم يستبعد قبول رجوعه مع إصرار المقر له على الإنكار ، لما سمعته من أصالة الصحة وعدم المعارض.
وفي القواعد الحكم ببطلان الإقرار لو ادعى المقر له جنسا غير ما فسره المقر أو لم يدع شيئا ، ونحوه عن المبسوط بناء على أن معنى بطلان إقراره عدم مؤاخذته بما أقر به من الدراهم مثلا تفسيرا التي أنكرها المقر له.
وتحقيق المسألة ما أشرنا إليه من أن أقصى أدلة الإقرار إلزام المقر بما أقر به لمن أقر له به على وجه لا يسمع إنكاره مع مطالبة المقر له بما أقر به وإن لم يكن له طريق إلا إقرار المقر ، أما إذا اعتقد نفيه عنه ونفاه ورجع المقر عن الإقرار وادعى المال لنفسه فلا دليل على لزوم إقراره به.
وربما يشهد له في الجملة قولهم : « ينتزعه القاضي أو يقره في يده » معللا