ومما يعم الرجلين أمرهما بالدفن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجرته.
وفيه ترك لتوقيره عن (١) ضرب المعاول لديه لثبوت حرمته بعد الوفاة كالحياة.
وفيه أن هذه الحجرة لا يخلو أن يكون موروثة كما نقول أو صدقة كما يقولون.
وكونها موروثة يقتضي قبح التصرف فيها بغير إذن الوارث ولم يستأذناه بغير شبهة.
وكونها صدقة يمنع من التصرف فيها على كل حال كسائر الصدقات.
ودعوى كونها لعائشة باطل من وجوه :
منها أن الظاهر كونها ملكا له عليه السلام ولا دلالة بانتقالها.
ومنها قوله تعالى ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ ) ـ (٢) فأضاف البيوت إليه ولأن المعلوم أنه صلى الله عليه وآله لما هاجر إلى المدينة ابتاع مكان مسجده وحجرته فبناه فلما وصل أهله وأزواجه أنزل كلا منهم منازله.
ومنها أنه لم يرو أحد إيذان عائشة بدفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت سكناها ولو كان بيتا لها لم يدفن إلا بإذنها.
ومنها أن غاية ما يتعلق به في ذلك دعوى عائشة وقد ردوا دعوى فاطمة عليها السلام وهي أعدل. وقوله سبحانه ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) ـ (٣) يفيد السكنى بدليل تناول هذا الإطلاق لجميع الأزواج ولا أحد يدعي ملكا لواحدة منهن عدا عائشة.
__________________
(١) في النسخة : « عن ».
(٢) الأحزاب ٣٣ : ٥٣.
(٣) الأحزاب ٣٣ : ٣٣.