يستحيل إدراكه تعالى بشيء من الحواس لاختصاص حكم الإدراك المعقول بالأجسام والأعراض وليس كذلك وإدراك لا يعقل لا يجوز إثباته ولأنه تعالى لو كان مدركا بشيء من الحواس لوجب أن ندركه الآن لكوننا على الصفة التي لها يجب إدراك الموجود مع ارتفاع الموانع.
وهو تعالى غني يستحيل عليه الحاجة لاختصاصها بمن يجوز عليه الضر والنفع واختصاصهما (١) بمن يلذ ويألم واختصاصهما بذي الشهوة والنفار وكونهما معنيين يفتقران إلى محل متحيز وكونه تعالى قديما يحيل كونه متحيزا واستحالة تحيزه يحيل اختصاص المعاني به وإذا استحال عليه الشهوة والنفار استحال عليه اللذة والألم.
وأيضا فلا يخلو أن يكون مشتهيا لنفسه أو لمعنى قديم أو محدث وكونه مشتهيا لنفسه يوجب كونه مشتهيا لكل ما يصح كونه مشتهى وذلك يؤدي إلى إيجاد ما لا يتناهى من المشتهيات وإلى أن لا يستقر أفعاله على قدر مخصوص ولا بوقت معين وإلى أن يكون ملجأ إلى إيجاد المشتهى وذلك كله محال.
ولا يجوز أن يكون كذلك لمعنى قديم لصحة تعلقه بما يتعلق به شهواتنا الحادثة (٢) ـ والاشتراك في جهة التعلق يقتضي تماثل المتعلقين ولا يجوز أن يكون
__________________
(١) في النسخة : « واختصاصها ».
(٢) في حاشية النسخة « المحدثة ».