والغرض في بعثة النبي ـ زائدا على الاستصلاح برئاسته إن كان رئيسا عقليا من الوجه الذي ذكرناه بيان مصالح المرسل إليهم من مفاسدهم التي لا يعلمها غير مكلفهم سبحانه وهو الوجه في حسن البعثة لكون اللطف غير مختص بجنس من جنس ولا بوجه من وجه ولا وقت من وقت وإنما يعلم ذلك عالم المصالح.
وقد بينا وجوب فعل ما يعلمه لطفا من فعله سبحانه وبيان ما يعلمه كذلك من أفعال المكلف فيجب متى (١) علم أن من جنس أفعاله ما يدعوه إلى الواجب ويصرفه عن القبيح أو يجتمع له الوصفان أو يكون مقربا أو مبعدا أن يبين ذلك للملطوف له بالإيحاء إلى من يعلم من حاله تحمله بأعباء البلاغ وكونه بصفة من تسكن الأنفس إليه وإقامة البرهان على صدقه متى علم تخصص المصلحة ببيانه عليه السلام دون فعله تعالى العلم بذلك في قلبه أو خطابه على وجه لا ريب فيه أو ببعض ملائكته أو كونه نائبا في بيان المصلحة مناب ما تصح النيابة فيه.
والصفات التي يجب كون الرسول عليه السلام عليها هي أن يكون معصوما فيما يؤدي لأن تجويز الخطأ عليه في الأداء يمنع من الثقة به ويسقط فرض اتباعه وذلك ينقض جملة الغرض بإرساله وأن يكون معصوما من القبائح لكونه رئيسا وملطوفا برئاسته لغيره حسب ما دللنا عليه ولأن تجويز القبيح عليه
__________________
(١) في النسخة : « فمتى يجب ».