وقد تعلّق من لا بصيرة له بأحكام الخطاب في إثبات إيمان القوم واستحقاقهم الثواب ـ ليتوصل بذلك إلى اثبات إمامتهم ، وردّ ما يذهب إليه من القطع بكفرهم وخلودهم في النار ـ بآيات من القرآن وأخبار عن النبي صلىاللهعليهوآله ، نذكرها ، ونبيّن وجه الشبهة منها وسقوطها.
فمن ذلك : قوله تعالى : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) (١).
قالوا : وهذه صفات القوم : آمنوا ، وعملوا الصالحات ، وخافوا في بدء الاسلام ، واستخلفوا في الأرض ، وآمنوا بعد الخوف ، فمنع ذلك من فرقهم بالضلال ودلّ على صحّة إيمانهم وإمامتهم.
الجواب : أنّ الوعد بالاستخلاف في الآية متوجّه إلى ذوي الإيمان ما في الباطن والظاهر ، وعمل الصالحات ، لوجوهها المخصوصة ، والاخلاص في العبادة لله تعالى من الإشراك والرياء وغيرهما مما يشوب الاخلاص ، والأمن بعد الخوف لله تعالى ، غير معيّنين (٢) بأسمائهم.
وقد دللنا على ضلال المتقدّمين على أمير المؤمنين عليهالسلام على أصولنا وأصولهم والدائنين بولايتهم ، فاقتضى خروجهم من حكم الآية ، وتوجّهها إلى من تكاملت فيه صفاتها من غيرهم.
__________________
(١) النور ٢٤ : ٥٥.
(٢) في النسخة : « معنين ».