على أنّا لو افترضنا (١) الكلام في الآية من دون ذلك لم يكن لهم فيها متعلّق من وجوه :
منها : افتقارهم في تخصيصهم بها إلى إقامة برهان على ثبوت صفات المذكورين فيها لهم ، وثبوته يغني عن الآية في المقصود باتفاق ، وإذا تعذر ذلك عليهم خرج الظاهر من أيديهم بغير إشكال.
ومنها : أنه لا يخلو أن يكون المراد بالاستخلاف المذكور في الآية توريث ديار الكفار ، كقوله تعالى : ( وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ ) (٢) ، ... ( وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها ) (٣) ، ... ( وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) (٤) ، ... ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ ) (٥) ، ... ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ ) (٦).
أو الخلافة على العباد وتدبير البلاد ، كآدم عليهالسلام في قوله : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٧) ، وطالوت في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً ) (٨) ، وداود في قوله : ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ ) (٩) ، وسليمان في قوله سبحانه : ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ ) (١٠) ، وقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ
__________________
(١) في النسخة : « افرضنا ».
(٢) الشعراء ٢٦ : ٥٩.
(٣) الأحزاب ٣٣ : ٢٧.
(٤) الأعراف ٧ : ١٢٩.
(٥) الأنعام ٦ : ١٦٥.
(٦) الأنعام ٦ : ١٣٣.
(٧) البقرة ٢ : ٣٠.
(٨) البقرة ٢ : ٢٤٧.
(٩) سورة ص ٣٨ : ٢٦.
(١٠) سورة ص ٣٨ : ٣٥ ـ ٣٦.