فحاولا ثنيهم ، إلاّ أنّهم أصرّوا على الذهاب ولم يعتنوا بما قالا ، ولم يتعرض عمر في خطبته (١) لاسمهما ، واكتفى بالقول : حتى لقينا منهم رجلان صالحان.
وأمّا في رواية أبي مخنف فقد أُشير إلى أنّهما « عويم بن ساعدة » و « عاصم بن عدي ». وقد لاحظنا من خلال البحث والتحقيق في المصادر أنّ أحدهما « عويم ابن ساعدة » قطعاً ، وأمّا الآخر فهو معن بن عدي ، كما يذكر عادة ، ولم يورد اسم « عاصم بن عدي » سوىٰ أبي مخنف ، فرواية أبي مخنف تعارض الروايات الاُخرى في هذا الاسم.
والذي يُرجَّح في المقام هو معن بن عدي ؛ لأنّ جُلّ النصوص الروائية والتاريخية إن لم يكن كلّها تؤكّد علىٰ هذا الاسم ، فالإشكال واردٌ على أبي مخنف ، إلاَّ أنّ بعض الروايات تشير إلى أنّ شخصاً أخبر أبا بكر وعمر باجتماع الأنصار في السقيفة ، هو معن بن عدي (٢) ، وعلى هذا الأساس فقد كان جاء سابقاً إلى أبي بكر وعمر وأعلمهما بخبر السقيفة ، فكيف أمكنه أن يلتقي بهما في الطريق ثانيةً ويحذِّرهما من المضيّ إلى السقيفة ؟!
وبالنتيجة : لا يستبعد ما ذكره أبومخنف من أنّ الشخصين هما :
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٤ : ١٠٧٣.
(٢) السقيفة وفدك : ٥٥ ، أنساب الأشراف ٢ : ٧٦٤ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٣ يقول : « إذ جاء رجل يسعىٰ ».