فكما أنّ ضلالة البعض وعدم طاعتهم لأوامر الله والنبي صلىاللهعليهوآله لا يعدّ نقصاً على النبي صلىاللهعليهوآله ، فإنّ مَن أسلموا ليسوا في درجةٍ واحدةٍ من الإيمان ، فهناك من بلغوا القمة ، وفي المقابل تجد البعض في أدنىٰ درجات الإيمان ، وهذا لا يؤثّر علىٰ النبي صلىاللهعليهوآله أو يعتبر نقصاً ، فقابليات الأفراد وجهادهم وجهودهم وإمكانياتهم ليست بمستوىٰ واحد. وبعبارةٍ اُخرىٰ أنّ كلّ شخصٍ يرتوي من بحر المعنوية المترامي الأطراف بمقدار وسعه.
وأصحاب النبي صلىاللهعليهوآله سواء المهاجرين أم الأنصار لم يكونوا في درجةٍ واحدةٍ من الإيمان ، وهو ما صرّح به القرآن ، فبعض الأعراب قد أسلموا فقط ولم يدخل الإيمان في قلوبهم (١).
ومن الواضح أنّ التغلّب على العصبيات القومية والقبلية لا يتأتّىٰ إلاّ عبر إيمان راسخٍ وتقوىٰ عالية. فإذا لم يستطع الفرد الوقوف بوجه عصبيته القبلية نتيجة لضعف إيمانه فما علاقة ذلك بالنبي صلىاللهعليهوآله ؟ ولماذا يواخذ عليه ؟!
هذا ، مضافاً إلىٰ وجود العديد من روايات أهل السنّة التي تؤكّد ارتداد المسلمين بعد رحيل النبي صلىاللهعليهوآله الأعظم ، فعن عائشة : « لما توفّي رسول الله صلىاللهعليهوآله ارتدّ العرب ». فإذا لم يعد ارتداد المسلمين عن الإسلام نقصاً بالنسبة للنبي صلىاللهعليهوآله ، فكيف تعتبر أدنىٰ الميول القبلية لبعض
__________________
(١) الحجرات : ١٤.