يتكلّم عمر كادت جموع الناس أن تطأ سعد بن عبادة ، فقال قائل منهم : قتلتم سعداً ، فقال عمر : قتل الله سعداً.
٤ ـ وذكر الدينوري (١) هذه المخاصمة وكلمة « اقتلوه قتله الله » وإن لم ينسبها إلىٰ قائلها ، ولكنّ المجمع عليه أنّه عمر. والعبارة صريحة جداً لا تقبل أيّ لونٍ من التوجيه والتفسير.
ثانياً : أنّ جملة « قتل الله سعداً » لها معنىٰ حقيقيّ تدلّ عليه ، فإذا اُريد منها معنىٰ آخر غيره فعلىٰ المتكلّم أن يضع نصب عينه أمرين :
الأوّل : وجود علاقةٍ بين المعنىٰ الحقيقي والمجازي.
والثاني : إقامة قرينةٍ صارفة.
وهنا لا يوجد أيّ تناسبٍ وعلاقةٍ بين المعنىٰ الحقيقي للجملة وما ذكره المستشكل ، فالمعنىٰ الحقيقي لها نوع دعاء ، بينما المعنىٰ المدّعىٰ من قبل المستشكل يخالفه تماماً ، كما لم تقم أيّ قرينةٍ تصرف الكلام عن المعنىٰ الحقيقي إلى المجازي ، ولم يُنقل في كتابٍ روائيٍّ أو تاريخي وجود مثل هذه القرينة الصارفة ، وليس من المعلوم وجود هذا القبيل من التوجيه المضحك.
والظاهر أنّ المستشكل وأصحاب هذا التوجيه حسبوا أنّ سعد بن عبادة قد بايع أبا بكر في السقيفة ، ولم يكن له موقف مخالف ، ولكنّهم تصوروا خطأً ، فإنّ مخالفة سعد بن عبادة الشديدة لأبي بكر
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ٢٧.