إنّ اعتقاد عليٍّ بأنّه أحقّ بالخلافة وعدم بيعته لأبي بكر في البداية أمر لا يقبل الشكّ ، وربّما كان ذلك قد أجمع عليه تقريباً ، وإن ذهب البعض إلىٰ أنّه عليهالسلام وإن لم يبايع في الفترة الاُولىٰ ولكنّه بايع بعد مدة ، والقول المشهور أنّه بايع بعد شهادة فاطمة الزهراء عليهاالسلام (١).
ولا بد أولاً من توضيح المقصود من بيعة عليٍّ عليهالسلام.
فإذا كان المراد منها الاعتراف بأبي بكر كخليفة للرسول فينبغي أن يقال : إنّ علياً لم يبايع أبا بكر كخليفة للرسول قطّ ، والسبب في ذلك : أنّه لم يعتبره خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل هو الخليفة الحقّ ، ولم يداخله الشكّ في ذلك أبداً.
فنسبه البيعة بهذا المعنىٰ إليه عليهالسلام ظلمٌ كبير ؛ لأنّ هذا العمل إقرارٌ بالخطأ.
وأمّا إذا قصد من البيعة عدم المواجهة والرفض والتدخّل في شؤون الخلفاء ، وفي مقابل المواكبة والتعاون في حلّ مشاكل المسلمين ، والحيلولة دون انحراف المجتمع الإسلامي مهما أمكن ، فيقال : إنّ علياً عليهالسلام منذ الوهلة الاُولىٰ التي بايع فيها الناس أبا بكر وكما يقول سلمان مخاطباً إياهم : عملتم وما عملتم (٢) اختار العزلة
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٧٧٠ ، مروج الذهب ٢ : ٣٠١ ، الكامل في التاريخ ١ : ١٠ و ١٤.
(٢) انساب الاشراف ٢ : ٧٧٦ ( كرداذ وناكرداذ ).