المدينة يده في يدي ، فقال : يا ابن عباس ، ما أظنّ صاحبك إلاَّ مظلوماً ، فقلت في نفسي : والله لا يسبقني بها ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، فاردد عليه ظلامته ، فانتزع يده من يدي ، ثم مر يهمهم ساعة ، ثم وقف ! فلحقته ، فقال لي : يا ابن عباس ، ما أظنّ القوم منعهم من صاحبك إلاّ أنّهم استصغروه ! (١).
ومثال آخر : حينما أخذوا علياً إلى المسجد قسراً ليبايع أبا بكر ، وعندما رأى أبو عبيدة أنّ علياً لن يبايع التفت إليه قائلاً : إنّك حديث السنّ وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالاُمور ، ولا أرى أبا بكر إلاَّ أقوىٰ على هذا الأمر منك ، وأشدّ احتمالاً واضطلاعاً به ، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر ، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق ، وبه حقيق ، في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك (٢).
فرغم أهلية عليٍّ لهذا الأمر أو أفضليته على الجميع ، لم يكن بإمكانهم قبول إمارة الشابّ ، وهو ما يلاحظ في قضية جيش اُسامة ، فعندما اختار النبي صلىاللهعليهوآله اُسامة الشابّ لقيادة الجيش الذي يضمّ شيوخ القوم ، اعترض البعض ! فبلغ النبي صلىاللهعليهوآله ذلك ، فغضب واعتلىٰ المنبر ليقول : « أمّا بعدُ أيها الناس ، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري
__________________
(١) السقيفة وفدك لأبي بكر الجوهري : ٥٢ و ٧٠.
(٢) الإمامة والسياسة : ٢٩.