لقد بذل النبي كلّ ما بوسعه لترسيخ ولاية عليٍّ عليهالسلام. وجدير ذكره ، أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لم يكن يقصد فرض عليٍّ عليهالسلام على الناس ، أو القيام بعملٍ يمكن أن يؤدي إلى هذا التصور ، وإنّما كان يعمل على تأدّية الواجب الإلهي في ما يرتبط بتبليغ الرسالة على أحسن وجه ، ويُشعر الجميع بأنّ عمله هذا لم يجنِ لهم سوىٰ الخير والصلاح والهدىٰ ، وهكذا هو الحال حقاً ، فمن اهتدىٰ فلنفسه ومن ضلّ فعليها.
ولم يقصد عليٌّ الوصول إلى السلطة بأي ثمنٍ كان ، ومهما كان نوع الطريق الذي يسلكه.
فعليٌّ لم يرَ الحكومة إلاّ طريقاً لهداية البشر ، وليس من الممكن أن نلتقي الهداية والقهر والإجبار والخداع السياسي ، فكلّ ذلك يؤدّي إلى نقض الغرض.
فعليٌّ عليهالسلام أسمىٰ من أن يطمح في الحصول على إمارة كهذه ، أو أن يضطر الآخرين على قبوله ، فإذا كانوا يرغبون به كفاهم الالتزام بوصايا نبيهم ، وإلاّ فلن يكون السعي الحثيث أشد أثراً من وصايا النبي صلىاللهعليهوآله المكررة.
ويدلّ على ذلك : ما قاله العباس ( عم النبي صلىاللهعليهوآله ) لعليٍّ عليهالسلام عقب رحيل الرسول صلىاللهعليهوآله : اخرج حتى اُبايعك على أعين الناس ، فلا يختلف عليك اثنان ، فأبىٰ وقال : « أو منهم من ينكر حقّنا ويستبدّ علينا ؟! » ، فقال