فلسفة الافعال الالهيّة والحقائق الكونيّه ، فنقول :
من الاُصول المسلّمة التي لا شك فيها إطلاقاً ، أن اللّه تعالى حكيم لا يفعل شيئاً الا عن مصلحة واقعية؛ مصلحة ترجع الى نفس المكلفين ، لا الى ذاته المقدّسة الغنيّة.
ومن المعلومات الأوّليّة والمشاهدات الوجدانيّة في الأرض والسماء والكون والفضاء ، تدبير اللّه تعالى وتقديره في خلائقه وصنايعه التي ملأت الدنيا برمّتها ، وعمّت الوجود في أسرارها.
وعلى أصل الحكمة وفعل الحكيم ، لا بد وأن تكون تلك المخلوقات والموجودات والتدابير والتقديرات مبتنية على سرٍّ في الخلقه ، ومصلحةٍ في التكوين وعلةٍ في الصنع؛ سواء أعرفنا تلك الأسرار والمصالح والعلل ، أم لم نعرفها ، اذ الحكيم لا يفعل عبثاً ولا يصنع شططاً.
والعقل يحكم بعد الاستقصاء والدقة بأن فعاله تعالى فعال الحكمة.
والشرع يقضي بذلك أيضاً في مثل قوله تعالى : (أفحسبتُم أنما خلقناكُم عَبثاً وأنّكم الينا لا تُرجعون) (١).
(وله المَثلُ الأعلى في السماواتِ والأرضِ وهو العزيزُ الحكيم) (٢).
(عالمُ الغيبِ والشهادةِ وهو الحكيمُ الخبير) (٣).
والنتيجة البديهيّة بعد هذا أنّ :
كل ما صنعه اللّه وكل فعل قدّره اللّه ، جارٍ على وفق المصلحة والحكمة.
__________________
(١) سورة المؤمنون : الآية ١١٥.
(٢) سورة الروم : الآية ٢٧.
(٣) سورة الأنعام : الآية ٧٣